مستمعينا الأفاضل!
نحن معكم عبر محطّة أخري من برنامجكم الأسبوعي الفيمينيّة تحت المجهر حيث نتواصل معكم عند المزيد من آفاق تحليل الفكر الفيمينيّ أو مايسمّي في الغرب بـ حركة تحرير المرأة والمساواة بينها وبين الرجل أو حتي تفضيلها عليه بشكل مطلق ، ندعوكم - إخوتنا المستمعين - للمتابعة ...
أحبّتنا المستمعين !
إنّ الاعتقاد بأنّ المرأة والرجل كائنان متناقضان و أن عليهما أن يكونا في حالة صراع دائم ، قد أسهم في فتور الحياة بالنسبة إلي الرجل والمرأة المعاصرين في المجتمع الغربيّ حتّي سادها الاضطراب والفوضي . وبالطبع فإنّ هذه العقيدة تركت تأثيرات سلبيّة علي النساء .
كتب الدكتور طوني غرانت Tony Grant في كتاب الأنوثة قائلاً :
إنّ المرأة المعاصرة هي رجل مزيّف ، وهي في حالة حرب مع الرجال الحقيقيّين ولذلك فإنها تعيش حالة الضياع والاضطراب .
ثم يضيف قائلاً :
الكثير من النساء التقدميّات عاجزات اليوم عن استعادة ما فقدنه سواء سمّيناه الطبيعة الأنثويّة أم القدرة علي الترابط أم أيّ شيء آخر .
ومن جهة أخري ، ففقد ترك الاعتقاد بالعداء بين الجنسين تبعات سيّئة علي الرجال أيضاً . ويمضي طوني غرانت إلي القول في هذا الأطار :
إنّ الكثير من الرجال الحقيقيّين لم يفقدوا الثقة بأنفسهم والاعتماد عليها في خضم تيّار الحركة الفيمينيّة فحسب ، بل إنهم يشعرون أنّ عليهم محاربة النساء من أجل المحافظة علي حياتهم . وهو يتعاملون مع المرأة بحالة هجوميّة و بواقع المقابلة بالمثل وبشكل استعلائيّ وكأنهم يخاطبون النساء في الحقيقة قائلين : نحن أكثر رجولة منكنّ بمرّات ، وإن تصورتنّ أنّكنّ أكثر رجولة فعليكنّ إثبات ذلك ! .
أحبّتنا المستمعين !
لقد أدّي تطرّف الفيمينيّين في زرع العداء بين المرأة والرجل إلي درجة أنّ الكثيرين توصّلوا إلي حقيقة أنّ الحياة التي تجمع بين جنسين متضادّين ومتحاربين مستحيلة ولها نتائج سيّئة .
تقول ألين . آر . كلاين الأستاذة في فرع دراسات المرأة في أمريكا في كتابها تعرية الفيمينيّة :
إنّ الادعاءات المبالَغ فيها فيما يتعلّق بالظلم الناجم عن التعصّب الجنسي لدي الرجال والسلوك غير العادل للفيمينيّين ضدّ الرجال ، كلّ ذلك أسهم اليوم في نفور المرأة الشابّة من الفيمينيّة وعدم ثقتها بها .
كما تقول الكاتبة الغربية كريستينا هوف سومرز في كتابها : خيانة النساء لبنات جنسهنّ :
أري أنّ إيديولوجيّتهم سوف تؤول إلي الأفول وينحسر انتشارها و سوف يرفع الكثير من الفيمينيين المتعصّبين للجنس هذه النظّارة عن عيونهم وسيرون في ذلك اليوم الحقائق كما هي ، وأنا لا أدّعي أنّ ذلك سيحدث علي المدي القريب ولكنني واثقة من أنه سيقع لا محالة .
لقد قضت الفيمينيّة علي الأنوثة وهي في حملتها المحمومة لادعاء صفة الرجولة للنساء . ومن البديهي أنّ الصراع علي السلطة من شأنه أن يؤزّم العلاقة بين المرأة والرجل ، وهو ما يعني موت الحبّ . ويري علماء النفس أنّ المرأة تختلف عن الرجل وتجب المحافظة علي أنوثتها ورجولته ؛ فلا النساء يمكنهنّ إخفاء أنوثتهنّ ولا الرجال بإمكانهم المحافظة علي قدرتهم الرجوليّة بعد فقدانهم لشخصيتهم الرجوليّة . كما يري علماء النفس أنّ المرأة لا ترتضي لنفسها تحدّي الرجل . بل إنّ اعتبار المرأة رجلاً و النظرة الرجوليّة إلي الحياة والوجود والعلاقات الإنسانيّة ، تعني الحطّ من شأن المرأة ومن مكانتها الإنسانيّة المرموقة . فليس من الضروري تحوُّل المرأة إلي رجل كي تكون إنساناً . ومن أجل البلوغ بالمرأة إلي المكانة السامية فإنّ علينا أن نعتبرها إنساناً لا رجلاً .
إن تشبيه المرأة بالرجل وتشبّهها به هو إذعان بتفوّق الرجل وهو ما لا ينسجم لا مع التحقير المبالغ به للرجل من قبل الفيمينيّة المتطرّفة ولا مع مكانة المرأة ومنزلتها المحترمة . واليوم فإنّ اعتبار المرأة رجلاً أوقعها في حالة الغربة عن الذات و ورّطت الحياةُ بين برزخ المرأة و الرجل ، المرأةَ في أزمة الشخصيّة و الازدواجيّة في الشخصيّة . ولذلك فقد أصبح سلوك المرأة وردّ فعلها متغيّراً ومختلفاً حسب البيئات المختلفة و الأدوار المختلفة المنوطة بها و ظروف التواجد في البيت والمجتمع وكلّنا نعلم أنّ مثل هذا الوضع يمنع الإنسان من كفائته وأدائه للأدوار الإيجابيّة والمؤثّرة .
مستمعينا الأعزّة !
ويري الإسلام أنّ المرأة والرجل يتمّ تعريف كلّ منهما في دائرة الوجود علي أساس الخصائص و المسؤوليّات والواجبات الملقاة علي عاتقهما . ومن وجهة نظر الإسلام فإنّ الرجل والمرأة يحتاجان إلي بعضهما البعض من أجل تكوين الأسرة و سدّ نواقصهما وكذلك بلوغهما الكمالَ . وعلي سبيل المثال فإنّ من آثار الزواج ونتائجه ، إشباعَ الغرائز المختلفة العاطفيّة والجنسيّة وكذلك تأمين الأمن والاستقرار. يقول سبحانه وتعالي في سورة الروم الآية ۲۱ : " وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ " .
وعلي هذا فإنّ كلّاً من المرأة والرجل له مكانة و لايصحّ أن يؤدّي الاختلاف بينهما والخصوصيّات التي يتمتّع بها كلّ منهما أن يؤدّي إلي التناقض والصراع بينهما . خاصة وان الإسلام أوصي بالتعاون والتآلف والتعامل الرحيم بينهما في ساحة الحياة . يقول النبيّ الأعظم (ص ) في هذا الصدد :
"إن الرجل إذا نظر إلى امرأته ونظرت إليه نظر الله تعالى إليهما نظرة رحمة
إخوتنا ، أخواتنا المستمعين والمستمعات !
نشكر لكم حسن إصغائكم وطيب متابعتكم ، وحتي نجدّد اللقاء بكم في حلقة الأسبوع المقبل من برنامجكم الفيمينيّة تحت المجهــر ، تقبّلوا منّا أجمل التحايا ، وأطيب المني ، وإلي الملتقــي .