و إذا كان هناك ثمة قصور في المرأة المسلمة في المجتمع الإسلامي فالسبب هو النساء أنفسهن وذلك بسبب الفهم القاصر للمراة عن دورها الذي رسمه الله تعالى لها في القران الكريم, حيث كان واجبا عليها ان تعرف ماذا يقول الله تعالى في القرآن الكريم عن المرأة ؟
و ماذا يريد الله من المراة؟
وكان يجب عليها أيضاً أن تعرف من الذي يحدّد مسؤولية المرأة حتى تستطيع أن تدافع عن حقها بما يقوله الإسلام و في إطار الإسلام ؟
فإذا كانت المرأة بعيدة عن هذه الأمور ، فسوف تسمح لفاقدي القيم الإنسانية أن يمارسوا الظلم عليها ، كما نلاحظه اليوم في المجتمع الغربي الخاضع للأنظمة المادية ، بالرغم من كل الشعارات المرفوعة لمصلحة المرأة نجد أن أكثر الظلم الذي يقع على المرأة في هذه المجتمع يمارس من قبل رجال هذه المجتمعات الغربية .
وفي التاريخ الاسلامي نرى ان هناك نساء كان لهن دورا في ثورة الاصلاح الفكري والعقائدي والاجتماعي وخير من قادت هذه الثورة هي عقيلة بني هاشم الحوراء زينب (ع) الذي كان لها دورا اساسيا ورئيسا في واقعة الطف الاصلاحية فكانت الشخصية الثانية على مسرح الثورة بعد شخصية أخيها الحسين (ع), حيث أظهرت واقعة كربلاء جوهر شخصية السيدة زينب (ع)، وكشفت عن عظيم كفاءاتها وملكاتها القيادية، كما أوضحت السيدة زينب (ع) في الوقت نفسه للعالم حقيقة ثورة كربلاء، وأبعاد حوادثها..
ولقد قادت السيدة زينب (ع) ثورة الاصلاح بعد استشهاد أخيها الحسين (ع) وأكملت ذلك الدور العظيم بكل جدارة بداته من لحظة استشهاد الامام الحسين (ع) بعد ان قتل كل رجالات بيتها وأنصارهم, خرجت هذه المراة البطلة تعدو نحو ساحة المعركة، تبحث عن جسد أخيها الحسين بين القتلى غير عابئة بالأعداء المدججين بالسلاح، فلما وقفت على جثمان أخيها العزيز الذي مزقته سيوف الحاقدين وهي تراه جثة بلا رأس مقطع إرباً إرباً، فالكل كان يتصور أنها سوف تموت أو تنهار وتبكي وتصرخ أو يغمى عليها نتيجة هذا المشهد المرعب والمريع ، لكن الذي حدث هز أعماق الناظرين كانت صامدة وصابرة ولم تنهار وأعطت للأمة دروساً قيمة في التضحية من أجل العقيدة حينما وقفت امام تلك الجموع الشاخصة بأبصارها إليها فجعلت تطيل النظر إلى جسد سيد الشهداء عليه السلام ووضعت يدها تحت جسده الطاهر المقطع ورفعته نحو السماء وهي تدعو بمرارة قائلة ((اللهم تقبل منا هذا القربان)).وبهذا الكلام الذي كان كالعاصفة مدويا اهتزّ الجيش الأموي والطغاة القتلة .
ويوم ان أدخلوا العقيلة (ع) مع السبايا على ابن زياد وتساءل اللعين: من هذه الجالسة؟.
فلم تجبه السيدة زينب (ع) استهانة به واحتقاراً لشأنه،مما اشتاط غضباً وقال لها متشمتاً: الحمد لله الذي فضحكم وقتلكم وأكذب أحدوثتكم.
هنا برزت السيدة زينب مع أنها كانت تحبذ التسامي والتعالي على مخاطبة ابن زياد، إلا أن الموقف كان يتطلب منها ممارسة دورها الرسالي في الدفاع عن ثورة أخيها الامام الحسين(ع) و تمزيق هالة السلطة والقوة التي أحاط بها ابن زياد نفسه لذلك بادرت إلى الرد عليه قائلة: ((الحمد لله الذي أكرمنا بنبيه محمد (ص) وطهرنا من الرجس تطهيراً إنما يفتضح الفاسق ويكذب الفاجر، وهو غيرنا يا ابن مرجانة..)).
إنه لموقف عظيم قد تجاوزت فيه السيدة زينب بإرادتها وبصيرتها النافذة كل ما أحاط بها من آلام المأساة ومظاهر قوة العدو الظالم، فقد واجهت الطاغية بالتحدي وجهاً لوجه أمام أعوانه وجمهوره، وكان ردها عليه قاسياً شديداً أسقط هيبته الزائفة في أعين الحاضرين جميعاً.
وفي مجلس الطاغية يزيد كان موقفها امامه من أروع مواقف الدفاع عن الحق والتحدي لجبروت الطغاة والظلم, فيزيد كان جالسا أمام السبايا متربعاً على كرسي ملكه، وفي أوج قوته، وزهو انتصاره الزائف تحف به قيادات جيشه، ورجالات حكمه وزعماء الشام، كما أن أجواء المجلس كانت مهيأة ومعدة ليكون الاجتماع مهرجاناً للاحتفال بقتل أهل البيت.
فوقفت عقيلة بني هاشم كاللبوة في مجلس الظالمين وهي تتكلم بكل فصاحة وطلاقة دون أن ترتعد فرائصها أو ينتابها الرعب أمام هذا الحاكم الظالم المحاط بجلاوزته وحاشيته ومرغت كبرياءه بالوحل وفضحت مخططاته التي استهدفت الإسلام وأماطت اللثام عن الوجه الحقيقي للأمويين، وكشفت للناس زيفهم وكفرهم، وعرفوا الناس الحقيقة المرة، هنا انعكس الأمر على يزيد وتحول المجلس إلى ساحة محاكمة لجرائمه وفوجئ يزيد بهذا الانقلاب المفاجئ وفقد السيطرة على نفسه ولم يعد يدري كيف يواجه هذا الأمر فكان يتهرب من الموقف بقطع الكلام على السيدة زينب (ع) إلا أنها كانت تسمو أكثر فأكثر, ومن خلال تلك المواقف والأحداث تجلت لنا كفاءات السيدة زينب وعظمة شخصيتها.
السيد محمد الطالقاني