من السفه انكار وجود فساد مستشري في جسد الدولة العراقية، كما وجود الفاسدين، الا ان هذه الحالة كانت بالدرجة الاولى من صنع الاحتلال الامريكي الذي “لبنن” الحالة العراقية، بفرضه نظام المحاصصة الطائفية، الذي يشل كل عملية اصلاح قبل ان تنطلق، بالاضافة الى التركة الثقيلة للنظام الصدامي البائد، الذي أتي على كل البنية التحتية للعراق بسبب مغامراته العسكرية وسياساته الكارثية.
وليس هناك من ينكر على العراقيين حق التظاهر، لاسماع مطالبهم المشروعة للحكومة، وهو حق كفله لهم الدستور الذي كتبه منتخبو الشعب، وصادق عليه الشعب العراقي في استفتاء عام، فالتظاهر السلمي احد الممارسات الحضارية ، التي يمارسها الشعب كلما وصلت الحكومة الى طريق مسدود في معالجة القضايا السياسية والاجتماعية والاقتصادية ، لتشكل عامل ضغط على الحكومة ومجلس النواب والنخب السياسية، للاسراع بتلبية المطالب الشعبية، اوعلى الاقل التخفيف من الضغوط الاقتصادية التي تثقل كاهل المواطنين.
لكن ما حدث خلال الايام الثلاثة الماضية، حيث خرجت التظاهرات من مسارها السلمي، واندلعت مواجهات بين المتظاهرين والقوات الامنية سقط فيها عدد من المواطنين والقوات الامنية قتلى، فيما تم حرق الممتلكات العامة والخاصة، وتم اشعال النار في بعض مقرات المحافظات ، بالاضافة الى رفع شعارات لاتمت من قريب أو بعيد لاي من مطالب الجماهير، مثل الاساءة الى المراجع الدينية الاربعة في النجف الاشرف، وشعارات تدعو الى منع زيارة اربعين الامام الحسين عليه السَّلام، وشعارات تسعى للتحريض على الحشد الشعبي وايران.
من الحكمة ان يتعاون المتظاهرون السلميون مع القوات الامنية من اجل فرز المندسين والمحرضين على العنف، لاسيما بعد ان رصدت الكاميرات كيف يقوم بعض العناصر الملثمة بالقاء قنابل المالتوف الحارقة على الجنود وعلى مقرات المحافظات ومقرات الاحزاب الاسلامية منها حزب الدعوة الاسلامية وغيرها، الامر الذي يؤكد بالدليل القاطع ان هناك مندسين تحركهم جهات تضمر الشر للعراق والشعب العراقي، وان آخر ما تفكر فيه هو تحسين الوضع الاقتصادي للمواطن العراقي.
ان الاوضاع وصلت الى مراحل حرجة، تقتضي من المتظاهرين السلميين الانسحاب من الشوارع ، من اجل سحب البساط من تحت اقدام المندسين والمخربين والذين يعملون وفقا لاجندات خارجية ليكون بالامكان التعرف عليهم ، بعد ضرب العنف بغداد والمحافظات الجنوبية بالتحديد لاسيما كربلاء المقدسة والنجف الاشرف.
لا يمكن لاي مواطن خرج للمطالبة بحقوقه المشروعة، ان يقدم على حرق المباني الحكومية ، او السيارات الموجودة في الشوارع او إلقاء قنابل حارقة على قوات الامن، فمثل هذا االمواطن هو بعيد كل البعد عن هذه التوجهات، لاسيما بعد ان اخذ بعض الاشخاص والجهات المعروفة بعلاقاتها الوثيقة بفلول البعث في الاردن، باصدار بيانات تدعو الى استخدام العنف وتحرض على الفتنة، منها “بيان” قرأه احد ايتام النظام الصدامي الذي دعا الى تشكيل حكومة وطنية واعلن ايضا عن اسماء اعضاء هذه الحكومة.
يكفي نظرة سريعة الى التغطية الخبيثة للقنوات الفضائية السعودية والاماراتية لما يجري في العراق حيث تصب الزيت على النار، عبر محاولات مستميتة لحشر الحشد الشعبي بما يجري من احداث، الامر الذي يؤكد الشكوك لدى اغلب النخب السياسية العراقية، من جهات تحاول حرف الاحتجاجات بهدف الاصطدام مع الحشد الشعبي ، بعد رفض رئيس مجلس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي حل الحشد، بل اتهم ايضا "اسرائيل" بقصف مقراته، وفتح معبر القائم البوكمال ، رغم معارضة امريكا، بالاضافة الى استغلال احداث عرضية لا تحمل اي خلفيات سياسية او اجتماعية ، تقع في العراق وايران، بهدف تعكير صفو العلاقات الايرانية العراقية ، للوصول الى الغرض الاهم والابرز للتحالف الامريكي الصهيوني العربي الرجعي والمتمثل بضرب زيارة اربعين الامام الحسين عليه السَّلام ، التي تعتبر اقوى رافد يعزز من صمود الشعب العراقي امام التحديات، ويمتن عرى الصداقة التاريخية والاجتماعية والثقافية والسياسية والدينية والاقتصادية بين الشعبين الايراني والعراقي.
الحريصون على امن واستقرار العراق يتمنون على الحكومة العراقية الاسراع بتنفيذ مطالب المتظاهرين دون ابطاء لتفويت الفرصة على الحاقدين والطائفيين وفلول البعث الصدامي واتباع الفرق المنحرفة والضالة ومجاميع المرتزقة التي تغذيها وتدعمها السعودية والامارات واسرائيل وامريكا، للنيل من وحدة العراقيين ، ومن رمز قوتهم المتمثلة بالحشد الشعبي، ومن سندهم القوي ، المتمثل بالعلاقة الاخوية مع الشعب الايراني.