السعودية تعاني في اليمن لكنها لا تريد أن تعترف بالهزيمة، إلا أن عدم اعترافها يصعّب المهمة عليها وعلى جنودها واقتصادها أكثر بكثير، فالأرقام التي خرجت إلى العلن بعد استهداف شركة أرامكو في 14أيلول سيكون لها وقع قاسٍ على اقتصاد السعودية، وما زاد الطين بلة بالنسبة لحكام السعودية هو الإعلان الأخير للقوات المسلحة اليمنية عن تفاصيل عملية أطلقت عليها الجماعة "نصر من الله"، كانت قد بدأت قبل شهر من الآن تقريباً، كبّدت السعودية خسائر فادحة بالجنود والعتاد.
العملية كشف عن تفاصيلها المتحدث العسكري باسم "أنصار الله"، يحيى سريع، في مؤتمر صحافي في صنعاء يوم السبت الماضي، وقال سريع إن العملية أسفرت عن "سقوط ثلاثة ألوية عسكرية من قوات العدو بكامل عتادها العسكري ومعظم أفرادها وقادتها"، وكذلك "اغتنام كميات كبيرةٍ من الأسلحةِ تضم مئات الآليات والمدرعات"، بالإضافة إلى "وقوع آلاف في الأسر" معظمهم ممن وصفهم بـ "الخونة والمخدوعين"، وقال: إن "من بين الأسرى أعداد كبيرة من قادة وضباط وجنود الجيش السعودي".
تفاصيل العملية
العملية بدأت فجر 25 آب، ومرّت بمرحلة إعداد وتخطيط كان للرصد والاستطلاع الحربي والاستخباري دور حيوي فيها، قبل العملية وأثناءها وبعدها.
وأكد العميد سريع أن العملية التي نفّذتها وحدات متخصصة من القوات البرية المتقدّمة في محور نجران، بدأت بتطويق مجاميع كبيرة من قوات العدو بعد تقدمها وبأعداد كبيرة إلى الكمائن والمصائد، بحسب الخطة، حيث تم استدراجهم إلى وادي "ابو جبارة" في قطاع نجران جنوبي السعودية، كما سمحت القوات بدخول تعزيزات جديدة لقوات العدو إلى مسرح العمليات، ليتم بعد ذلك قطع خطوط الإمداد (الخطوط الخلفية) لقوات العدو من مسارين مختلفين، ومن ثم أحكمت القوات اليمنية الحصار على تلك القوات من الجهات الأربع، لتبدأ وحدات من المشاة والدروع والهندسة والمدفعية من قلب الجبهة بشنّ عملية هجومية واسعة. وأشار العميد سريع إلى أن من أبرز نتائج العملية خلال ساعاتها الأولى محاصرة مجاميع مختلفة من قوات العدو ومهاجمة مواقع عسكرية محصنّة.
المتحدث باسم "أنصار الله" قال إنهم نفّذوا العملية على عدة مراحل، في الحدود مع السعودية، وإنها نفّذت تسع عمليات متزامنة مع استهداف مقار وقواعد عسكرية منها مطارات تقلع منها "الطائرات المعادية"، إلى جانب تنفيذ 20 عملية بالطائرات المسيّرة "أربكت العدو" منها "عملية على هدف عسكري حساس في الرياض".
وأشار سريع إلى وقوع المئات بين قتيل وجريح، بينهم نحو 200 قتيل من القوات اليمنية، قضوا بغارات جوية للتحالف أثناء محاولتهم الفرار أو الاستسلام، وقال إنهم أسروا نحو ألفي مقاتل يمني يقاتلون إلى جانب السعودية، مضيفاً إن هناك أسرى من جنسيات أخرى.
واتهم التحالف بتنفيذ "إبادة جماعية" للأسرى الذين وقعوا في صفوفها، وقال إن التحالف نفّذ ما يصل إلى 300 غارة جوية خلال 72 ساعة، أثناء تنفيذ الجماعة للعملية.
وقال سريع إن من أهم نتائج هذه العملية إعادة السيطرة على 350 كيلومتراً مربعاً في محور نجران جنوب السعودية، خلال العملية. وقال إن الجماعة "حرّرت 350 كيلومتراً مربعاً في المرحلة الأولى من عملية نصر من الله، بما فيها مواقع ومعسكرات وسقوط ثلاثة ألوية في محور نجران السعودية".
وأضاف إن "عناصر وطنية متعاونة اضطلعت بدور مهم من داخل صفوف قوات التحالف".
نتائج العملية
أولاً: يبدو أن "أنصار الله" ستفرض "السلام" على السعودية بالقوة وسيكون سلام "القوة" لأنصار الله وستكون الغلبة فيه لهم، لأنهم هم أصبحوا من يمتلكون اليد العليا في هذه الحرب، وحالة تجاهل الإعلام السعودي للحقائق والتشويش على ما يجري على أرض الواقع لن تخدع الشعب السعودي، الذي أصبح يعلم أن بلاده تُستنزف في اليمن اقتصادياً وعسكرياً، والدليل أن المئات من الناشطين الموالين للسعودية وصفوا العملية الأخيرة بالفضيحة والسقوط الذريع للتحالف بعد قرابة خمس سنوات من الحرب.
ثانياً: الفيديوهات التي نشرها "أنصار الله" لا يمكن الطعن فيها لأنها دليل واضح على انكسار شوكة السعودية في اليمن، كما أن رفض "أنصار الله" الكشف عن عدد الأسرى السعوديين سيشكّل تحدياً كبيراً لولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وسيكون اختباراً صعباً جداً له أمام الشعب، وحول هذا الموضوع قال رئيس وفد حكومة صنعاء المفاوض محمد عبد السلام يؤكد للميادين "أن عدد أسرى التحالف السعودي يجب أن يبقى محل غموض لأن ذلك يساعدنا في عملية التبادل، معتبراً إياها رسالة إلى كل محتل على أرض اليمن، وأن حكومته لن تقبل "إلا بحلّ شامل يؤدي إلى وقف العدوان ورفع الحصار".
ثالثاً: بعد عملية أرامكو الأخيرة عرضت "أنصار الله" "السلام" على الجانب السعودي إلا أن ردّه كان عبر قصف اليمن بمئات الصواريخ ورفض "السلام" لكن هل سترفض السعودية السلام بعد المشاهد الأخيرة التي بثّها "أنصار الله" خاصة وأن وجود أسرى للجانب السعودي بيد "أنصار الله" سيقلب موازين الحرب كلها، وسيجبر السعودية على الرضوخ، وما الحديث عن طلب السعودية من رئيس وزراء باكستان عمران خان التوسط مع إيران في مِلفّاتٍ عديدةٍ من بينها حرب اليمن إلا دليل على مستقبل الحرب في اليمن.
الحل الوحيد هو الانسحاب من اليمن والاعتذار للشعب اليمني وتعويض الخسائر التي ألحقها الجيش السعودي باليمن، وأي محاولة لاستمرار الحرب ستكون بمثابة انهيار الاقتصاد السعودي وانعدام الأمن، خاصة وأن العمق السعودي أصبح هدفاً متاحاً لأنصار الله بعد تطوير قدراتهم العسكرية.
المصدر: الوقت