الأعراف العربية تؤكد على اكرام الضيف وهناك قصص كثيرة حول هذا الموضوع ففي المجتمع العراقي قصص في هذا المجال تحمل اسمى معاني النبل والحلم. فمثلا في احدى القرى العراقية حصل شجار بين شخصين احدهما غريب، وأدى الى قتل ابن القرية، وهرب القاتل، ولكن عشيرة المقتول تحيط به من كل جانب فدخل ضيفا على والد المقتول دون ان يعلم بذلك حيث دخل المضيف (مكان استقبال الضيوف في القرى العراقية) فأبى صاحب المضيف ان يمسه احد بسوء وقال للعشيرة هذا ضيفي وان كان قاتلا لولدي وتفرق افراد العشيرة واخذ بيده حتى أوصله لمكان آمن وودعه وعاد الى بيتة ليشارك مراسم جنازة ابنه.
إلا أنَّ ما قام به الجمهور الجزائري يوم الأحد 8 سبتمبر/ايلول الجاري من ترديد شعارات وهتافات طائفية وبأسلوب متدني جدا مَثَّلَ منتهى الانحطاط الاخلاقي المخالف لجميع الاعراف والقوانين سواء الدولية او الاجتماعية وكانت تفصح عن مستوى الجهل الذي تميَّزَ به هذا الجمهور لأنه لا يعرف شيء عن الشيعة وفي نفس الوقت يظهر انه تربى على الحقد الاعمى، وهنا المصيبة الكبرى اذا امتزج الجهل والحقد لدى الأنسان فيخرجاه من إنسانيته.
فماذا يعرف هؤلاء البسطاء عن الشيعة؟ ولماذا هذا الحقد على طائفة من المسلمين بسبب رفضها للظلم وإتباعها نهج رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم ـ بولايتها للامام علي ـ علية السَّلام ـ فهل هذا يستوجب ان يُشْتَمْ الشيعة من قبل جمهور جزائري امام العالم ومن ارض الجزائر وفي مباراة يشاهدها الملايين من على شاشات الفضائيات ويهتفون لجلاد العراق الديكتاتور المقبور صدام وأمام ضيفهم فريق القوة الجوية العراقية! الى أي مستوى وصل هذا الجمهور؟
والغريب بالامر ان بعض من العرب ينتصر للديكتاتور صدام على اساس انه من الطائفة السنية، وهنا الطامة الكبرى التي تمثل الجهل الذي ما بعده جهل أو هو تجاهل لحقيقة لا تحتاج الى بيان، إلا ان الاغراض السياسية تقف وراء هذا التجاهل.
صدام المقبور هو ديكتاتور مارس الظلم والعدوان على شعوب المنطقة وبدءً بالشعب العراقي الى الشعب الايراني الى الشعب الكويتي وكان ضمن مخططه العدواني ان يجتاح السعودية وبالفعل وصلت صواريخه الى بعض مدنها.
والظلم الذي مارسه على الشغب العراقي شمل جميع القوميات والطوائف وكافة الإتجاهات السياسية بما في ذلك رفاقه في الحزب، وكل الجغرافية العراقية فلم يسلم من صدام حتى الصقور في قمم جبال شمال العراق، والأسماك في أهوار الجنوب فكل هذه المخلوقات أصابتها الأسلحة الكيمياوية التي استخدمها صدام في ثمانينيات وتسعينيات القرن العشرين,
وهل يعلم العرب الذين يمجدون صدام المقبور ويعبرون عنه بالقائد الاوحد والمدافع والمحامي عن الطائفة السنية هل تعلمون انه بعد أن تسلط البعثيون على العراق في إنقلاب أسود عام 1968م كان اول شهيد إسلامي على يد عصابة الديكتاتور صدام هو الشهيد الشيخ عبدالعزيز البدري ـ رحمة الله علية.
هل تعرفون من هو الشيخ عبدالعزيز البدري ـ رحمة الله علية ـ انه مرجع الاخوة السنة في العراق في ستينيات القرن العشرين وكان صوته يصدح بالحق من مكبرات الصوت في كل صلاة جمعة في العاصمة بغداد، فلم يطيقة حزب السلطة (البعث العربي الأشتراكي) فَتَمَّ اعدامه على يد المجرم المقبور صدام.
وهناك مفهوم خاطئ لدى بعض الاخوة السنة من غير العراقين وهذا ما لمستة من خلال احاديث مع بعضهم في الديار المقدسة في العام الذي تَمَّ فيه إعدام المجرم صدام فكانوا ينظرون للقضية بأنها صراع بين السنة والشيعة في العراق، وهذا خطأ كبير ووليد الأعلام المضلل الذي خلط الأوراق على الجمهور العربي.
ايها الاحبه ان الصراع داخل العراق خلال العقود الماضية وما يزال هو صراع بين الشعب العراقي بكل طوائفة وقومياتة من جهة ومع حكومات ظالمة تدور في فلك الاستكبار العالمي وعلى رأسة الولايات المتحدة الامريكية.
كما اريد ان اوضح للأخوة السنة من خارج العراق لأن العراقيون لا يحتاجون لهذا التوضيح اقول ان فترة حكم الطاغية صدام مَثَّلَتْ حقبة مُظْلِمَة بمعنى الكلمة، فكانت كالليل الأليل على جميع الطوائف، لقد كان ينتمي لحزب البعث العربي الأشتراكي عناصر باعوا دينهم بدنيا غيرهم سواء من الطائفة السنية او الشيعة، فتجد في هذا الحزب من هو ينتمي بالنسب الى أب شيعي وأيضا هناك من ينتمي الى أب سني وكلاهما افكارهما تتناقض مع الفكر الاسلامي، من هنا فقد طالت يد البغي والعدوان من هذا الحزب جميع شرائح وطوائف الشعب العراقي دون استثناء فلم يفرق الجلاد البعثي بين السني والشيعي على الإطلاق.
وما الاعتداء الذي مارسه الجمهور الجزائري يوم الأحد 8 سبتمبر/ايلول الجاري من على ملعب عمر حمادي بالجزائر العاصمة على الشيعة بصورة عامة وعلى الشعب العراقي خاصة كانت الاسباب من وراءه هي الجهل بهذه الحقائق، ويتحمل المسؤولية علماء الدين والمفكرين والمثقفين الجزائريين.
فإن كنتم طلاب حقيقة فإبحثوا عنها بصدق وإفسحوا المجال لبصائركم أن تدركها قبل فوات الأوان...
جابر كرعاوي