لا يملك من امره شيئا فينبغي ان يتعامل مع هذا الواقع تعاملا جديا مسؤولا وان لا يلقي بثقله وتبعات عمله على الاخرين !
لايمكن التغافل عن حقيقة ان الانسان كائن معقد قد خصه الله بالعقل واودع فيه الخصال الحميدة وارشده الى الطريق وهداه الى سبل النجاة .. لكنه وللاسف يهتم بظاهره دون باطنه ويتأثر بحواسه دون عقله وبدنياه دون اخراه!
مما يبعده عن جادة الصواب ويجعله يتخبط في محيط ضيق يفارقه على حين غرة وينقله الى عالم غريب لم يمهده لرقدته ولم يوسعه بعمله ! فيعض اصابع الندم على ما فرط في جنب الله وظلم نفسه ولم يستفد من فرص حياته الدنيا قبيل انتقاله الى ذلك العالم الرهيب والمخوف الذي لايعلم ماهيته الا من هيئه وخلقه...! يختلف عن عالم الدنيا تماما وقد نبأنا القرآن الكريم عنه عندما قال عز وجل ( ومن ورائهم برزخ الى يوم يبعثون.....) !
وهو العالم الثاني بعد الدنيا والمنطلق نحو عالم سرمدي لايفنى ولا يزول الا ماشاء ربك ! حقائق قد تكون غريبة لمن لم يعشها لكنها واقعة لامحالة وانه لحق مثل مااننا ننطق ونسمع ونرى! ولكنها تحتاج الى تصديق قلبي وتمهيد عملي وجهاد نفسي وكدح صادق لكي نعيش مفرداتها الظاهرية ونتعامل معها طبقا لما يريد الله لاكما تهوى انفسنا وتريد !
وهذا هو الفارق بين الانسان السوي والسيئ الغوي ! بين المؤمن بوجودها وبين الناكر لها ! بين الانسان المعتدل والمفرّط ( بتشديد الراء) ! بين من ينظر بعين العقل والحكمة والبصيرة ومن لايتعدى نظره حدود بصره !
الحكمة تقول : لاتصنع من نفسك شيطانا ...يكفيك ماحولك من الشياطين ! كن انسانا. كماخلقك الله لما يريد هو .. لا كما تريد انت ..تؤنسك الملائكة وتضفي اليك هالة من نور تلازمك حتى بعد رحليك !!
قيمة كل امرء في هذه الحياة بقدر ما يحسن وما يقدم من عطاء يثري به المجتمع يجعله في مصاف الذين سبقوه من رواد الايثار ورموز التضحية وعلى رأسهم ائمة الهدى واعلام التقى عليهم سلام الله قدوة الاحرار ومدرسة الثوار على الطغاة الظلمة والذات القاتلة جدهم السبط الشهيد حسين الاباء عليه صلوات الله تعالى ميدانهم الاول الذي عانقته الشهادة فمضى ملبيا نداء السماء عطشانا غريبا. صابرا محتسبا وحيدا في تلك الرمضاء القاتلة والغيظ الشديد يدافع عن قيم السماء وعن شريعتها السمحاء في تضحية فريدة من نوعها في التاريخ عكست ارقى الامثلة في التفاني والايثار وبرزت اروع المعاني والدروس ورسخت العقيدة الحقة في قلوب المؤمنين !
إن واقعة الطف انطلاقة عملاقة نحو بناء الذات والاسرة والمجتمع لاتستوعبها كتب التاريخ ولا تحتويها مجلداته ولا يعطي حقها عمالقة الفكر كونها انطلقت تحاكي الواقع وتنسجم معه وترتقي لكل من فهمها وادرك اهدافها الى اعلى مستوى من التكامل الفكري والمعنوي والمعرفي الفردي والمجتمعي.. بطلها سبط الامة وإمامها الحسين بن علي بن ابي طالب عليه صلوات ربي هو واهل بيته واصحابه الغر الميامين الذين وقفوا على قلة عددهم وعدتهم قبال جيش عرمرم مجهز لم ترهبهم قوته ولم تخوفهم عدته تقابل الفريقان في ظهيرة يوم العاشر من محرم عام 61 للهجرة وحسم الامر وابرم القضاء وحكم القدر ان يقتل السبط واهل بيته واصحابه وتحز رؤسهم وتحرق خيامهم وتسبى نساؤهم الى طاغية بني امية في الشام فى عملية اريد من خلالها اطفاء النور المحمدي وهدم الصرح العلوي.. .
لكن شاءت قدرة الاله الواحد واقتضت مشيئته أن تبقى راية السبط الشهيد عليه صلوات ربي وصلوات المصلين مرفوعة شامخة تحملها سواعد الاباة و تتحدى الطغاة الى أن ينبلج الفجر مبشرا بظهور المنقذ المغيب والحجة الاكبر محمد بن الحسن المهدي المنتظر ( صلوات الله عليه وعلى آبائه الاطهار الغر الميامين ...؛
بقلم : طارق الخزاعي