القصة تقول أن أعرابيان تلاحيا حول كنه تلك الكتلة السوداء التي بدت لهما عن بعد في غسق الليل فقال أحدهما هذه عنزة وقال الثاني: صقر وبينما هما يتجادلان إذا بها تطير في السماء فقال الأول ولو!!... معزة وإن طارت!! فاستنكر الثاني، فجاءته الصفعة من صاحبه: أترد علي مقالتي يا رافضي؟! معزة وإن طارت!!.
الأسباب التي حدت بالأول للإصرار على خطئه كثيرة، مهمة بل وجوهرية وتحدد مسار الأمة ومصيرها (المشرق) حتما مهما طال اللف والدوران فهو الكبير أوي وهو الذي يقرر ما يُرى وما لا يُرى وما جرى علينا وما لا بد أن يجري لنا وهو معصوم لا يخطئ ولا يجوز نسبة الخطأ إليه حفاظا على استقرار الأمة وبقائها موحدة ضمن الجماعة القطيع!!.
السبب الثاني لرفض الإذعان لحقيقة أن هذا طائر سمه نسرا سمه صقرا إن شئت، أن الذي زعم أن الطائر هو طائر، رافضي شيعي يشتم ويسب ويتهم أم المؤمنين بكيت وكيت كما أن شيخ الإسلام ابن تيميه قال أن كل الرافضة كاذبين ولا يجوز منحهم أي قدر من التقدير والاحترام والمهم أن يبقى الكبير كبيرا وليذهب الجميع إلى الجحيم.
ولأن المسألة تحولت من مجرد سوء تقدير أو رؤية خاطئة يمكن الاعتذار عنها بكلمة وكفى الله الأمة شر انفصام الشخصية والتخلف إلى قضية وجود (نكون أو لا نكون) فقد خصصت ميزانيات البحث العلمي لإثبات أن الماعز أصله طائر إلا أن التآمر الرافضي الصفوي حال بينه وبين الطيران كما أن النسور أصلها زواحف إلا أنها تمردت ومارست الطيران دون الحصول على إذن السلطان!!.
لنرجع قليلا إلى واقعنا الفكري الذي تحكمه قاعدة (معزة وإن طارت والنسور من الزواحف) أدام الله زحفكم على بطونكم، لنرى كيف نصب داعش الابراشي محكمة للراحل فاروق الفيشاوي رحمه الله، لأنه حضر مهرجانا عنوانه مهرجان الغدير!، والغدير وفقا للقاعدة العقلية (الذهبية) (أكذوبة) رافضية يمكن أن تعني ضمن ما تعني (الطعن في أكابر الصحابة) ونحن لن نسمح لأحد أن يشكك في اختراعنا الذي سبق العالم (معزة وإن طارت)!!.
معزتنا ونحن أحرار فيها!!، تبيض وتطير بل وتحملنا إلى القمر!!.
عندما يقول ابن كثير في البداية والنهاية: فصل في إيراد الحديث الدال على أنه عليه السلام خطب بمكان بين مكة والمدينة مرجعه من حجة الوداع قريب من الجحفة - يقال له غدير خم - فلما فرغ عليه السلام من بيان المناسك ورجع إلى المدينة خطب خطبة عظيمة يوم الثامن عشر من ذي الحجة عامئذ وكان يوم الاحد بغدير خم تحت شجرة هناك، فبين فيها أشياء. وذكر من فضل علي وأمانته وعدله وقربه إليه ما أزاح به ما كان في نفوس كثير من الناس منه.
لا بد أن يكون رد السيد/ داعش: معزة وإن طارت!!!.
وعندما يقول المقريزي في الخطط وأصل عيد الغدير ما أخرجه الإمام أحمد في مسنده الكبير من حديث البراء بن عازب رضي الله عنه قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر لنا فنزلنا بغدير خم ونودي الصلاة جامعة وكسح لرسول الله صلى الله عليه وسلم تحت شجرتين فصلى الظهر وأخذ بيد علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقال: "ألستم تعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم قالوا: بلى قال: ألستم تعلمون أني أولى بكل مؤمن من نفسه قالوا: بلى فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ". قال: فلقيه عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال: هنيئًا لك يا ابن أبي طالب أصبحت مولى كل مؤمن ومؤمنة. انتهى.
أي أن أول من هنأ الإمام علي عليه السلام هو عمر بن الخطاب والمعنى أن الأمر ليس أكذوبة ولا بدعة انفرد بها فريق دون بقية الفرقاء!!.
المعنى واضح: لا نريكم إلا ما نرى وليس مسموحا لكم الاستفادة لا من سمعكم ولا من أبصاركم ولا من أفئدتكم.
(وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعًا وَأَبْصَارًا وَأَفْئِدَةً فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلَا أَبْصَارُهُمْ وَلَا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِءُونَ). الأحقاف 26.
دكتور أحمد راسم النفيس