وأضافت أن حوادث محاطة بالغموض وغير المؤكدة جرّت الولايات المتحدة إلى حروب في المياه الأجنبية الآسنة. والتاريخ يشهد من ميناء هافانا هاربر 1898، إلى “يو إس إس مادوكس” في خليج تونكين، ولهذا السبب يجب أن تسود الحكمة ويجب استشارة الكونغرس، في وقت تتحرك فيه الولايات المتحدة وإيران ببطء نحو المواجهة في مضيق هرمز.
وكان إسقاط الطائرة الأمريكية دون طيار يوم الخميس، نقرة أخرى على آلة التصعيد بين إدارة ترامب التي ألغت الإتفاقية النووية الموقعة عام 2015، وبدأت حملة ضغط قاسية، وبين الحكومة الإيرانية التي تئن تحت وطأة العقوبات الإقتصادية، وهو ما دعا الرئيس للتفكير بعملية انتقامية.
وتتهم الولايات المتحدة إيران بضرب ناقلات النفط في خليج عمان والتي تقول طهران إنها ليست مسؤولة عنها. وردت واشنطن بزيادة الحشود العسكرية في المنطقة.
ولكن إيران أعلنت مسؤوليتها عن إسقاط طائرة دون طيار من نوع “أركيو-4 غلوبال هوك” حيث أكدت أن الطائرة خرقت مجالها الجوي، فيما قالت "القيادة المركزية في الشرق الأوسط" إن الطائرة كانت تحلق فوق المياه الدولية. وكان تعليق ترامب على الحادث: “أجد من الصعوبة تصديق أنه كان مقصودا” و”لن يقبله هذا البلد، هذا ما يمكنني قوله لكم”.
وترى الصحيفة أن الرسائل المتناقضة من البيت الأبيض تعطي صورة أن كلا من أمريكا وإيران قادرتين على أفعال تسيء التقدير فيها. ففي يوم الإثنين قالت إيران إنها ستتوقف عن الالتزام ببعض بنود اتفاقية عام 2015 المتعلقة بالحد المسموح فيه للبلد بتخصيب كميات من اليورانيوم. وفي نفس اليوم أعلنت وزارة الدفاع (البنتاغون) عن إرسال 1000 جندي إضافي وصواريخ باتريوت وطائرات دون طيار.
وتأتي التعزيزات بعد إرسال 1500 جندي وحاملة طائرات ومقاتلات “بي-52” إلى المنطقة الشهر الماضي. وكانت التعزيزات الأخيرة ردا على تفجير ناقلتي نفط في خليج عمان.
ونفت إيران المسؤولية عن ذلك، فيما عبّرت عدد من الدول الأوروبية عن تشكيكها في الدليل الذي قدمت يؤكد تورط إيران في الهجمات. وقال البنتاغون إن الإيرانيين أطلقوا صاروخا على طائرة دون طيار في وقت الهجوم على الناقلتين بخليج عمان، على حد زعمه.
وتعتقد الصحيفة أن فرص المواجهة تتزايد نظرا لمشكلة الثقة التي يعاني منها البيت الأبيض، وقرب القوات المضادة من بعضها البعض والاتهامات المتبادلة والذخائر والحشود. ولهذا السبب على ترامب ومجموعة صقور الحرب التي يقودها مستشار الأمن القومي، جون بولتون ووزير الخارجية مايك بومبيو والسناتور توم كوتون العودة إلى الكونغرس والحصول على موافقته إن أرادوا شن الحرب.
وتعلق الصحيفة أن الحروب الزاحفة التي تورط القوات الأمريكية أصبحت عملية معيارية في مرحلة ما بعد 11 سبتمبر، وحان الوقت لكي يستعيد الفرع التشريعي في الحكومة دوره للإشراف على الحرب التي تشن باسم الشعب الأمريكي.
وترى أن هناك إشارات على عودة الكونغرس لتأكيد موقفه من خلال تصويته يوم الخميس ضد رغبات الرئيس ومنع بيع السلاح إلى السعودية في حرب الوكالة باليمن.
وصوّت مجلس النواب هذا الأسبوع على نقض قانون تفويض استخدام القوة العسكرية كجزء من ميزانية نفقات بقيمة تريليون دولار. ولا يعطي القانون الذي مضى عليه 18 عاما الإدارة صلاحية شن حرب ضد إيران رغم محاولات إقناع النواب أن إيران "متحالفة مع القاعدة". وكان ربط هذا التنظيم بنظام ديكتاتوري في الشرق الأوسط هو المبرر الذي استند عليه جورج دبليو بوش لغزو العراق والذي انتهى بنتائج كارثية، وسيكون مهزلة وإهانة للمخابرات الأمريكية لو حاولت إدارة ترامب القيام بنفس المقامرة.
وكان ترامب قد وضع حدا حول استخدام القوة وضرورة العودة إلى الكونغرس عندما كتب تغريدة عام 2013 علق فيها على الهجمات الكيماوية التي قام بها النظام السوري، حيث قال: “على الرئيس الحصول على موافقة الكونغرس قبل مهاجمة سوريا، وخطأ كبير إن لم يفعل”.
وتقول الصحيفة إنها دعمت باراك أوباما في بحثه عن موافقة الكونغرس لعمل عسكري أمريكي ضد الحكومة السورية، مع أنها انتقدت إعلانه السابق عن الخط الأحمر الذي قد يدعو للتدخل الأمريكي. واليوم، يواجه ترامب نفس مشكلة المصداقية التي عانى منها سلفه، فقد قرر الخروج من الاتفاقية النووية مفضلا المواجهة، وبحثه عن مبرر قانوني لضرب إيران بناء على قانون صدره باسم محاربة "تنظيم إرهابي"، في وقت يستمر فيه بدعم حرب اليمن التي وصفتها الأمم المتحدة بأكبر كارثة إنسانية في العالم تسبب بها البشر.
ورغم تردده بالدخول في حرب جديدة، إلا أن ترامب لم يتعلم على من دور العقدين: من السهل بداية نزاعات ومن الصعوبة الخروج منها أو وقفها.