هذه مجرد اسئلة تثار في اذهان الكثيرين ليس في ايران او في اميركا فحسب، بل في العالم كله وبالطبع فإن الاجابة عن جميع تلك الاسئلة التي تشغل بال الكثيرين يتحقق من خلال الاشارة الى عدة قضايا:
1- في الحقيقة فقد حاول ترامب تبرير سلوكه تجاه ايران من خلال التأكيد بان بلاده كانت الخاسر الاكبر في الاتفاق النووي ووعد بانه في ظل اجبار ايران على عقد اتفاق شامل معها سيصل الى مبتغاه بتحجيم قدراتها النووية وتطلعاتها الاقليمية علاوة على ضمان عدم تمكينها من حيازة الاسلحة النووية.
والمنحى الذي اتخذه لتحقيق هذا الهدف هو فرض العقوبات بعد العقوبات اضافة الى اصراره على وضع التهديد بالحرب كأحدى الخيارات المطروحة على الطاولة، وبعد مضي سنة كاملة على هذا النهج ليس فقط لم يتمكن ترامب من تحقيق هدفه، لكنه تسبب بزعزعة الامن في منطقة الخليج الفارسي وعرض صادرات النفط من هذه المنطقة وخاصة من مضيق هرمز الى تهديددات حقيقية.
2- يوم امس وبعد اعلان ترامب عن موقفه فقد واجهت اسعار النفط ارتفاعا حادا بنسبة 6%، وهذا يعني ان العالم اصبح ينظر بعين الريبة والشك لوعود ترامب، اما الوجه الآخر للقضية فهو يتجسد في احتمال ان يكون ترامب وقبل ان يكون مجبرا في التعامل مع سقوط هيبة اميركا بسبب فشلها في عملية تجسسية مقابل ايران يجب عليه ان يبذل جهده في سبيل طمأنة العالم وان يؤكد على هذه النقطة بان سوق النفط لن يتاثر خلال المستقبل القريب بالسياسات المتهورة وغير العقلانية.
3- يتضح من خلال الموقف الذي اتخذه ترامب ازاء اسقاط طائرة التجسس هو حاول التنويه الى مسألة يمكن اعتبارها اهم مايثير قلقه في الفترة الحالية خاصة ونحن على عتبة الانتخابات الاميركية، فترامب عبر عن فرحته ورضاه ازاء عدم سقوط قتيل اميركي في حادثة اسقاط الطائرة الاميركية.
وبطبيعة الحال فإن عودة عدد من جثامين الجيش الامريكي الى الوطن كفيلة بتغيير نتائج انتخابات السنة المقبلة لصالح منافسي ترامب، من هنا فإن كلامه الاخير كان بمثابة طمأنة للاميركيين بانه على الرغم من التهديدات والدعاية فان جميع الخيارات امام ايران مطروحة على الطاولة ماعدا الحرب.
4- الكثير يعتقد بان ترامب لن يدع حادثة طائرة التجسس تمضي دون رد، مع ان هذا الامر لم يكن مستبعدا خاصة بعد التحريكات والتحريضات التي عمل عليها الحلفاء الاقليميون خلال اللحظات الاخيرة من الازمة، وكان بالامكان ان توضع تلك التحريضات والاستفزازت في اي قالب واطار سوى المواجهة المسلحة.
وبطبيعة الحال فإن اي اعتداء على الحدود الايرانية كان سيقابل برد مثله كما حصل الوعد بذلك من قبل المسؤولين الايرانيين، وهذا بمثابة كابوس سيحل على ترامب تحت اسم "توابيت الجنود"، مماسيزيد من اخطائه في وجهة نظر الراي العالم الاميركي وبالنتيحة انخفاض نسبة المصوتين لصالحه في صندوق الجمهوريين.
5- في هذا الظرف يعتقد ان ترامب وقبل ان يفكر في مسألة الانتقام من ايران هو يفكر في كيفية تبرير خطوته غير الشرعية وغير القانونية في التجسس على ايران والتغلغل في الاجواء الايرانية.
ولاشك ان التفكير في قضية كيف تمكنت ايران من اسقاط طائرة درون هي الاكبر في العالم والاكثر ارتفاعا وهي الموصوفة بانها غير قابلة للاصطياد والتعقب من قبل الرادارات؛ اصبحت طعمة لايران ستكون واحدة من اكثر القضايا المقلقة لترامب... من هنا فإن مخاوف ترامب تجاه ايران تتحول شيئا فشيئا الى كابوس، فهل تمكن ترامب كما يدعي ان يتعرف على ايران بشكل جيد.
ابورضا صالح ـ العالم