تُعتبر فنزويلا، صاحبة أكبر احتياطيات نفطية، من أهم مناطق العالم. وهي تمتلك أكثر من 310 مليارات برميل من الاحتياطيات المؤكدة، وهو ما يفوق احتياطيات المملكة العربية السعودية وكندا.
وقد أصبح هذا الذهب الأسود حافزًا لدونالد ترامب لضرب عصفورين بحجر واحد: إما إزاحة نيكولاس مادورو، أحد أبرز خصوم الولايات المتحدة في المنطقة، من السلطة، أو تسهيل الوصول إلى نفط البلاد بتنصيب الشخص الذي يرغب به.
وبرر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حتى الآن جميع عملياته العسكرية ضد السفن الفنزويلية بذريعة "مكافحة المخدرات".
المطلب الأمريكي: يجب على مادورو مغادرة السلطة
لعداء دونالد ترامب مع مادورو تاريخ طويل. فقد قاد ترامب حملة "الضغط الأقصى" الشهيرة لإسقاط حكومة مادورو خلال ولايته الأولى. ووصل مادورو إلى السلطة عام ٢٠١٣ بعد وفاة الرئيس اليساري هوغو تشافيز، وعُرف بمواقفه المعادية لأمريكا على مر السنين.
دعا وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، الذي يُعدّ الآن القوة الدافعة وراء السياسة الأمريكية تجاه فنزويلا، علنًا إلى تغيير سياسي واسع في البلاد، بدعم من قادة المعارضة الفنزويلية البارزين.
ودعت ماريا كورينا ماتشادو، الحائزة على جائزة نوبل للسلام، والمعارضة الشرسة لمادورو، الولايات المتحدة ودولًا أخرى إلى إجبار مادورو على التنحي عن السلطة. وهي تعتقد أن الانتخابات الرئاسية الأخيرة التي أُجريت في البلاد عام ٢٠٢٤ كانت مزورة. كما تُفضّل واشنطن وضع شخص توافق عليه في السلطة في فنزويلا لتسهيل تحقيق أهدافها.
التركيز العسكري الأمريكي على البحر الكاريبي
نشرت الولايات المتحدة حاليًا حوالي ٨٪ من أسطولها العالمي في منطقة البحر الكاريبي. كما أنه منذ أغسطس/آب، انتشرت مجموعة متنوعة من الأصول العسكرية في المنطقة، بما في ذلك مدمرات صواريخ موجهة، طائرات مقاتلة من طراز F-35B، طائرات مسيرة من طراز MQ-9 Reaper، ومجموعة هجوم برمائية قوامها 4500 جندي، من بينهم حوالي 2200 من مشاة البحرية، غواصة تعمل بالطاقة النووية، وسفينة دعم للعمليات الخاصة.
وفي الأسابيع الأخيرة، أجرت الولايات المتحدة أيضًا مناورات جوية، بما في ذلك عمليات خاصة بطائرات هليكوبتر قبالة سواحل فنزويلا، وتحليق ثلاث قاذفات استراتيجية من طراز B-52 فوق المنطقة.
وفي وقت سابق من هذا الشهر، أمر ترامب مبعوثه الخاص، ريتشارد غرينيل، بتعليق جميع الارتباطات الدبلوماسية مع كاراكاس. وبحسب ما ورد، فقد أذنت الإدارة الأمريكية بعمليات سرية لوكالة المخابرات المركزية في فنزويلا، بما في ذلك عمليات قاتلة. وقد أكد ترامب نفسه هذه التقارير لاحقًا. كما هاجمت الولايات المتحدة قوارب فنزويلية في عدة مناسبات، وقتلت عددًا من أفراد طواقمها بذريعة مكافحة المخدرات.
لا لمقترحات فنزويلا
تتحدث بعض وسائل الإعلام عن الإجراءات الوقائية التي اتخذتها فنزويلا لمنع الحرب مع الولايات المتحدة. وحاولت كاراكاس ثني واشنطن اتخاذ المزيد من الإجراءات ضد فنزويلا بعروض تجارية، لكن الأخيرة رفضت جميع هذه العروض.
ويبدو أن الولايات المتحدة مهتمة أكثر بالإطاحة بمادورو حتى تتمكن من السيطرة الكاملة على فنزويلا وتحقيق أهدافها بسهولة أكبر. ومع ذلك، يعتقد الخبراء أن خطر تنحية مادورو كبير. وأكدوا أن الجماعات الموالية لمادورو قد تسللت إلى أجزاء مختلفة من النظام الحكومي في البلاد، ولن يكون من السهل على خليفة مادورو تطهيرها. ومن ناحية أخرى، قد لا تعترف القوات المسلحة بالحكومة الجديدة.
كما أن خطر اندلاع أعمال عنف بعد مادورو كبير. وقد تستغل الجماعات المسلحة الحضرية والريفية، وحتى الجماعات المتمردة الكولومبية مثل جيش التحرير الوطني، أي فراغ في السلطة.
من ناحية أخرى، قد يؤدي العدد الكبير من الأسلحة غير القانونية في فنزويلا إلى أزمة خطيرة حيث يُقدر عدد هذه الأسلحة بما يصل إلى 6 ملايين. وكل هذا قد يزعزع استقرار فنزويلا.
في وقت سابق، أفادت شبكة CNN، نقلاً عن مصادر مطلعة، أن الولايات المتحدة تسعى لإجبار مادورو على التنحي عن السلطة عبر تهديدات عسكرية، بما في ذلك هجمات على قوارب فنزويلية.
وكان قد صرح المصدر الأمريكي بأن "على مادورو أن يرى العلائم ويتنحى بنفسه".