تلعب صادرات النفط الخام ومكثفات الغاز، باعتبارها المحرك الرئيسي للاقتصاد الإيراني، دورا حيويا في تأمين عائدات النقد الأجنبي وتنظيم ميزانية البلاد. وهذا القطاع، الذي يمثل ما بين 30 و40% من إيرادات الحكومة، لا يوفر الموارد المالية اللازمة لتنفيذ مشاريع البنية التحتية والتنمية الصناعية والبرامج الاجتماعية فحسب، بل يُعد أيضًا أداة استراتيجية في العلاقات الدولية للجمهورية الإسلامية ودبلوماسية الطاقة.
على الرغم من تشديد العقوبات الدولية، نجحت صناعة النفط الإيرانية في الحفاظ على صادرات النفط الخام ومكثفات الغاز، بل وزيادتها، خلال العام الماضي. وبفضل التخطيط الاستراتيجي وإدارة الموارد، لم تتوقف عملية التصدير فحسب، بل شهدنا في بعض الأحيان أرقامًا قياسية جديدة. ويُظهر هذا الأداء مرونة صناعة النفط الإيرانية في ظل العقوبات.
هذا في حين فرضت الحكومة الأمريكية 14 حزمة عقوبات، منها 465 عقوبة جديدة على إيران خلال العام الماضي، وفُرضت الحزمة الرابعة عشرة منها هذا العام. ويُعدّ هذا أكبر حظر نفطي تفرضه الحكومة الأمريكية على صناعة النفط الإيرانية منذ عام 2018. وتشمل هذه الحزمة 147 عقوبة، وتستهدف بشكل رئيسي قطاع النقل.
مع كل هذه التفسيرات، ارتفع متوسط صادرات النفط الخام ومكثفات الغاز في الأشهر الأربعة الأولى من عام 1404 الإيراني بمقدار 21 ألف برميل يوميًا مقارنةً بالفترة نفسها من العام الماضي.
أكدت مصادر أجنبية أيضًا صادرات النفط الإيرانية القياسية
على الرغم من استحالة تتبع اتجاه صادرات النفط الخام بشكل كامل من قبل المؤسسات الدولية بسبب فرض عقوبات قاسية واتخاذ إجراءات سرية، إلا أن صادرات النفط الإيرانية القياسية في بعض أشهر العام الماضي انعكست أيضًا في الإحصاءات التي أعلنتها هذه المؤسسات.
ووفقًا للبيانات الأولية الصادرة عن شركة "كبلر" لمعلومات الطاقة، بلغت صادرات النفط الإيرانية إلى الصين في مارس (إسفند 1403 - فروردين 1404) 1.81 مليون برميل يوميًا، وهو ما يمثل زيادة بأكثر من 22% مقارنة بمتوسط صادرات إيران في عام 2024.
وبحسب تقرير صادر عن وكالة الطاقة الدولية للطاقة، فإن متوسط صادرات إيران من النفط في النصف الأول من عام 2025 سيقترب من 1.7 مليون برميل يوميا.
ووفقاً لإعلان شركة "فيرتكسا" الدولية لتتبع ناقلات النفط، بلغ متوسط صادرات النفط الخام الإيراني خلال العشرين يوماً الأولى من يونيو/حزيران 2025 ، 1.8 مليون برميل يومياً، وهو أعلى مستوى مُسجل حتى الآن. ومن اللافت للنظر أن هذا التاريخ تزامن تماماً مع حرب الـ 12 يوماً المفروضة على إيران.
إن نجاح الجمهورية الإسلامية الإيرانية في تحقيق رقم قياسي لصادرات النفط اليومية في ذروة العقوبات وحتى في ظل ظروف الحرب، بالإضافة إلى إظهار تفاني العاملين في قطاع النفط والتزامهم بالعمل وتضحياتهم، يُظهر أيضاً النضج الإداري والاستدامة الاستراتيجية لقطاع الطاقة في البلاد. ويدل تحقيق هذا النجاح في ظل هذه الظروف المتقلبة على إرادة قوية في الدبلوماسية الاقتصادية والاستخدام الذكي للقدرات التقنية.
ورداً على أمر "الضغط الأقصى" الذي أصدره الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، صرح وزير النفط الإيراني "محسن باك نجاد" أن خبراء صناعة النفط يتخذون تدابير خاصة ومناسبة بما يتماشى مع الظروف التي نواجهها، مضيفاً:
"كلما زادت قيودنا، كلما كانت التدابير المتخذة أكثر تعقيداً".