هل تعرفون رجل الدين الأهوازي الإيراني والخطيب المنبري والناشط الاجتماعي والآكاديمي الذي تخرج من إحدي الفروع الهندسية بالكويت والذي كان يعتبر نفسه خادما لسيدة نساء العالمين (س) فاغتيل في هذا الطريق علي يد الوهابية أمام بيته وعُرف بشهيد الولاية؟.
الشهيد الشيخ هشام الصيمري من أهالي مدينة أروندكنار في محافظة خوزستان، ولد في الكويت عام 1961 للميلاد ونشأ في تلك البلاد، حيث تلقى تعليمه الجامعي في العلوم السياسية والدراسات الحوزوية.
استنادا لكلام والد الشهيد عن فترة تعليمه: في سن الخامسة عشرة قام هشام وشباب مدينته ببناء مسجد الإمام علي (ع)، وكان آية الله السيد مصطفى ذو القدر إماماً للمسجد. لقد لاحظ موهبة الشهيد في تعلم العلوم الدينية والحوزاتية، ولهذا السبب، انصرف إلى تدريس العلوم الدينية والحوزاتية له ولشباب المنطقة. كان الشهيد يحضر الدروس كل يوم في الساعة الخامسة صباحًا حتى دخل جامعة الكويت.
كان الشهيد كذلك آكادميا وعصريا حيث دخل الجامعة الكويتية في فرع الكيمياء ويعتبرا مهندسا إلي جانب دراسته الحوزوية.
ننقل عن نجل الشهيد، الشيخ حسين الصيمري:
"مع حلول عام 1978، كانت رياح الثورة الإسلامية المباركة في ايران تتخطى كل الحدود، وهنا هبّ سماحة الشيخ رحمه الله، ليكون أول المستجيبين لندائها، المسارعين إليها، والفرحين أشدّ الفرح بإنجازها التاريخي الرائع، كيف لا؟ وقد تحقق أمام عينيه أمل طالما كان ينبض مع كل خفقة من خفقات قلبه، وحلم كان يختلج مع كل جارحة من جوارحه".
تم اعتقال الشهيد مرارًا وتكرارًا في الكويت لدفاعه عن مدرسة أهل البيت (ع)، منها عندما قال قصيدة عن مجزرة الحجاج الإيرانيين في السعودية، مما دفع الحكومة الكويتية إلى إرسال قواتها إلي منزله لاعتقاله.
حُكم علي الشيخ في البداية بالسجن المؤبد ثم بالسجن 15 عامًا حتى أطلق سراحه عام 1990 وأثناء غزو صدام للكويت من السجن.
غادر الشهيد الشيخ هشام الصيمري، الكويت بعد إطلاق سراحة من السجن عام 1990 وتوجه إلى مدينة قم المقدسة. والتحق بدروس البحث الخارج عند الشيخ مكارم الشيرازي والسيد حسين الشاهرودي والشيخ باقر الإيرواني، وكان يدرس الفقه والعربية والأصول إلى جنب دراسته.
كان الشيخ الشهيد لا يعرف أن يركن إلى دعة أو خمول فإلى جانب اهتماماته بدراسته الحوزوية، كان الشيخ يولي قسماً كبيراً من اهتماماته ووقته لأمور التبليغ والدعوة الإسلامية فقد سافر إلى مدينة الأهواز عام 1998 لإحياء الدين وتعظيم الشعائر الإسلامية ، تصدّى فيها للبحث والتدريس وبث المعارف الإسلامية.
أبرز المشاريع الدينية والاجتماعية التي أسسها الشيخ الشهيد كانت:
- تشكيل لجنة اجتماعية لمساعدة ذوي الدخل المحدود.
- تفعيل المساجد والحسينيات في المنطقة.
- إطلاق مواكب العزاء في حي علوي خلال أيام الفاطمية ومحرم وصفر.
- تأسيس مؤسسة بقية الله الخيرية.
- بناء عدة مساجد.
- إنشاء مركز الزهراء الثقافي للسيدات.
- إنشاء مركز خديجة الكبرى الثقافي للسيدات.
- إنشاء المكتبة العامة لمسجد فاطمة الزهراء (س).
- استكمال مكتبة حوزة الإمام علي بن أبي طالب (ع).
- تأليف عدة كتب حول الدفاع عن العقيدة الحقة منها كتاب "كلمة الإمام السبط الشهيد عليه السلام" باللغة العربية.
كان الشيخ الشهيد يرعي نشاطات أكثر من عشرين مسجد في مدينة الأهواز الإيرانية.
بقيت منه تسجيلات صوتيه كثيرة من خلال محاظراته الدينية التوعوية التي مازالت تبث عبر إذاعة الاهواز ونظائرها.
يقول الشيخ عزيز عبيات، وهو أحد زملاء الشيخ الشهيد الصيمري في الأهواز:
" كان الشيخ رحمه الله ينتقل من منبر إلى منبر، ومن قرية إلى قرية، وخادماً يرعى آلام الناس، متواضعاً يعيش مثلهم ومعهم، يتحدث بلغتهم البسيطة الطيبة بعيداً عن تعقيد المصطلحات، يُقبل عليهم بالابتسامة الطيبة ويعانقهم بالمودة الصادقة، يوقّر الكبير ويحترم الصغير، ويصغي لهم دون تأفف أو ملل، يُحزنه ما يصيبهم، ويُفرحه ما يُسعدهم" .
"مع بداية الحرب المفروضة على الجمهورية الإسلامية الإيرانية من قبل العراق، والتي أدت إلى تشكيل رؤية خاطئة حول فصل الدين عن السياسة، قرر الشهيد تغيير تخصصه من الكيمياء إلى العلوم السياسية ليقول للناس إن دراسة الحوزة والمواد الدينية لا تشكل عائقًا أبدًا أمام التعليم الجامعي والأكاديمي، بما في ذلك العلوم السياسية. كما درس علم النفس. ويضيف:
"أثناء دراسته الجامعية أقام الشيخ هشام دورات دينية وترفيهية لإرشاد المراهقين في المسجد، وبمساعدة أصدقائه اشترى حافلة صغيرة لنقل الأطفال والمراهقين من منازلهم إلى المسجد والعكس".
تعرض سماحته لعملية اغتيال غير ناجحة من قبل الوهابيين الإرهابيين عام 1980 بعد انتهائه من إحدي محاظراته الدينية التوعوية.
وفي ليلة مظلمة يغشوها الظلام الدامس بعد ما كان الشيخ راجعا من إحدي محاضراته الدينية توا ولم يغير ملابسه ويجلس علي مائدة العشاء، حيث دق الباب بشدة، فامتنع الشهيد أن يرسل ابنه ليفتح الباب وقام بنفسه لذلك، فواجه في الباب شخصين ملثمين يركبان دراجة نارية وإذا بهما أطلقا عشرات العيارات النارية نحو الجسد الطاهر لتلك الشخصية التي اختارها الله للعروج الي سمائه.
فاستشهد الشهيد الشيخ هشام الصيمري (رضوان الله تعالي عليه) علي يد تكفيريِّيَن ينتمون إلي التيارات الوهابية في 24 تموز 1986 أمام منزله في حي رزمندكان من أحياء مدينة الأهواز مركز محافظة خوزستان جنوب غرب ايران.