البث المباشر

الاستقلال الشامل في فكر الإمام الخميني (ره)

الإثنين 2 يونيو 2025 - 13:24 بتوقيت طهران
الاستقلال الشامل في فكر الإمام الخميني (ره)

لقد قدّم الإمام الراحل وقائد الثورة الإسلامية نموذجا فريدا للتقدمية من خلال ربط الاستقلال بالتقدم، تعزيز الثقة بالنفس، التأكيد على العدالة الاجتماعية، وتوسيع الخدمات العامة، والذي يُمكن اعتباره نموذجا يُحتذى به للدول الأخرى.

تُعدّ الثورة الإسلامية الإيرانية بقيادة الإمام الخميني (رض) واستمرارها بتوجيه من قائد الثورة الإسلامية، سماحة آية الله السيد علي خامنئي، من أهم تطورات القرن العشرين التي لم تُغيّر مجرى التاريخ الإيراني فحسب، بل قدّمت أيضًا نموذجا فريدا للتقدم والتنمية القائم على الاستقلال والثقة بالنفس والعدالة.

لقد قاد الإمام الخميني (رض) وقائد الثورة الإسلامية، من خلال تقديم خطاب قائم على الاستقلال والثقة بالنفس والعدالة والخدمة الجهادية، إيران على طريق التقدم المستدام والأصيل. وعلى عكس دعاية الأعداء، لم تُعق السياسات الثورية، مسيرة التنمية فحسب، بل أتاحت أيضا فرصًا لا مثيل لها لتقدم الجمهورية الإسلامية الإيرانية من خلال بناء عمق استراتيجي، وتعزيز النفوذ الوطني، والتركيز على الفئات المحرومة.

 

ربط الأسس النظرية بالإنجازات العملية

إن الأسس النظرية لمدرسة الإمام الخميني (رض) والمنظومة الفكرية لقائد الثورة الإسلامية، القائمة على الاستقلال والثقة بالنفس والعدالة وخدمة الشعب، تنسجم مع الإنجازات العملية للجمهورية الإسلامية في مختلف المجالات.

احتلت جمهورية إيران الإسلامية المرتبة الخمسين بين دول العالم في العام الأول لانتصار الثورة الإسلامية (1980) من حيث الإنتاج العلمي، وخلال العشرين عامًا الماضية، ارتقت من المرتبة 34 في عام 2005 إلى المرتبة 17 عام 2024.

وفيما يخص المجال العسكري، حوّل إنتاج الأسلحة المتطورة والاكتفاء الذاتي في الصناعات الدفاعية، الجمهورية الإسلامية إلى إحدى القوى الإقليمية.

وفي المجال الثقافي والاجتماعي، يُشير التوسع في التعليم وزيادة معدل الإلمام بالقراءة والكتابة من 47% إلى 97% خلال السنوات الست والأربعين الماضية إلى تقدم ملحوظ.

وقد تحققت هذه الإنجازات في ظل عقوبات قاسية وضغوط خارجية، وتُظهر صحة رؤية الإمام الراحل (ره) والإمام الخامنئي في ربط الاستقلال بالتقدم. وعلى عكس دعاية المعارضين، لم تُعق الثورة الإسلامية التنمية فحسب، بل قدمت، اعتمادا على القوة الداخلية، نموذجا محليًا للتقدم.

 

الصلة بين الاستقلال والتقدم

إن التأكيد على الاستقلال كشرط أساسي للتقدم يعد من أهم الركائز لدى الإمام الراحل وقائد الثورة الإسلامية. وقد طرح الإمام الخميني (رض) مفهوم الاستقلال، ليس فقط في البعد السياسي، بل في الأبعاد الاقتصادية والثقافية والفكرية أيضًا، ركيزةً أساسيةً لتقدم إيران.

كما اعتبر قائد الثورة الإسلامية، الاستقلال أساس كل خير، وقال في تصريحاته في لقاء مع قادة الجيش في مارس/آذار عام ١٩٧٥:

"إن أساس قضية هذه الثورة وهذا البلد هو قضية "الاستقلال". فالاستقلال عن الخير والبركات، يكسب البلد كل شيء. وكما أن جميع نقاط الضعف تنبع من "تبعية" البلد للخارج، فإن هذه التبعية تكسبه".

لقد أكد قائد الثورة مرارا وتكرارا على ضرورة قطع الاعتماد على النفط وتعزيز الاقتصاد المقاوم. على سبيل المثال، في سياساته العامة للاقتصاد المقاوم، ركّز على الإنتاج المحلي، والاقتصاد القائم على المعرفة، وتقليل الاعتماد على الخارج. وقد أدى هذا النهج إلى نمو ملحوظ للشركات القائمة على المعرفة، وإحراز تقدم علمي في مجالات مثل تكنولوجيا النانو، والتكنولوجيا الحيوية، والصناعات الدفاعية.


تعزيز ثقافة الثقة بالنفس وشعار "نحن قادرون"

من أبرز إنجازات الإمام الراحل وقائد الثورة تعزيز روح الثقة بالنفس لدى الشعب الإيراني، وخاصة الشباب. علّم الإمام الخميني (رض) الأمة الإيرانية بشعار "نحن قادرون" أنه بالاعتماد على القوة الداخلية والإيمان بالله، يمكن تجاوز أي عقبة. وقد برز هذا الشعار بالفعل من خلال تعبئة الطاقات الداخلية لتحقيق النصر في الثورة، الدفاع المقدس، وإعادة إعمار البلاد بعد الحرب المفروضة.

كما حوّل قائد الثورة الإسلامية هذا الشعار إلى خطاب سائد في المجتمع من خلال التأكيد على دور الشباب. وأدى هذا الدافع إلى ازدهار المواهب الشابة في مجالات العلوم والتكنولوجيا. وعلى سبيل المثال، في عام ٢٠٢٣، احتلت إيران المرتبة ٦٢ من بين ١٣٠ دولة في التصنيف العالمي للابتكار، مما يشير إلى قفزة نوعية في إنتاج العلوم والتكنولوجيا.

ومن الأمثلة الواضحة على هذه الثقة بالنفس التقدم المحرز في الصناعات الدفاعية. فتصميم وإنتاج الصواريخ الباليستية دقيقة التوجيه، والطائرات المسيرة المتطورة، وأنظمة الدفاع، كلها ثمرة الثقة بالقدرات المحلية وتوجيهات الإمام الراحل وقائد الثورة الإسلامية. وتعد هذه الإنجازات، في ظل العقوبات الصارمة، دليل على صدق شعار "نحن قادرون".

 

العدالة الاجتماعية؛ ركيزة أساسية للتقدم

تُعدّ العدالة الاجتماعية في مدرسة الإمام الخميني (رض) والمنظومة الفكرية لقائد الثورة الإسلامية أحد الركائز الأساسية للتقدم. كما قال الإمام الخميني (رض) لمسؤولي الجمهورية الإسلامية:

"من مهامهم - وهو ليس الهدف بالطبع، ولكنه مقدمة - تحقيق العدالة في العالم. يريد النبي (ص) إقامة العدل ليتمكن من طرح القضايا التي يريد إصلاحها".

وقد انعكس هذا الرأي عمليًا من خلال إنشاء مؤسسات مثل الجهاد البناء ولجنة الإغاثة لخدمة المحرومين.

كما أكد الإمام الخامنئي على العدالة كأحد الأهداف الرئيسية للنظام الإسلامي. وفي بيان الخطوة الثانية للثورة (2018)، اعتبر العدالة "المطلب الرئيسي للثورة" وشدد على ضرورة تحقيقها في جميع الأبعاد. وقد تجلت هذه الرؤية في صنع السياسات الرئيسية، مثل توسيع الخدمات العامة في المناطق المحرومة.

كما أكد قائد الثورة على مكافحة الفساد كأحد المحاور الرئيسية للتقدم. ففي عام ٢٠٠١، أصدر مرسومًا من ثماني مواد بشأن مكافحة الفساد، مما أدى إلى تشكيل هيئة مكافحة الفساد الاقتصادي. وإضافةً إلى ذلك، ساهم تركيزه على الشفافية ومراقبة أداء المسؤولين في الحد من الفساد في مختلف القطاعات.


الخدمة الجهادية وتوسيع نطاق الخدمات العامة

من أهم محاور التقدمية للإمام الراحل وقائد الثورة يمكن الإشارة إلى التركيز على الخدمة الجهادية وتوسيع نطاق الخدمات العامة في المناطق المحرومة. وقد قدّم الإمام الخميني (رض) نموذجًا للخدمة المتواصلة للمحرومين من خلال إنشاء مؤسسات مثل "الجهاد البناء". وقد لعبت هذه المؤسسة دورًا محوريًا في تطوير البنية التحتية الريفية، بما في ذلك الطرق والكهرباء والمياه، في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي.

كما عزز قائد الثورة الإسلامية دور الجماعات الجهادية كذراع تنفيذي للنظام في المناطق المحرومة، مؤكدًا على "جهاد الخدمة". فعلى سبيل المثال، أدت مشاريع توفير المياه في القرى المحرومة في خوزستان وسيستان وبلوشستان في السنوات الأخيرة، بمشاركة الجماعات الجهادية، إلى تحسين مستوى معيشة سكان هذه المناطق.


الحفاظ على الأمن والاقتدار الوطني

يُعد الأمن والاقتدار الوطني ركيزتين أساسيتين لتحقيق التقدم. وقد عزز الإمام الخميني (رض) الأسس الأمنية للنظام من خلال إنشاء مؤسسات ثورية، مثل حرس الثورة الإسلامية وقوات الباسيج (التعبئة). وقد لعبت هذه المؤسسات دورًا محوريًا في الدفاع المقدس ومواجهة التهديدات الداخلية والخارجية.

كما شدد قائد الثورة الإسلامية على تعزيز الردع، وتحويل إيران إلى إحدى القوى العسكرية الإقليمية. وقد ساهم إنتاج الأسلحة المتطورة، مثل الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة، وتعزيز جبهة المقاومة في المنطقة، في حماية الجمهورية الإسلامية الإيرانية من التهديدات العسكرية للأعداء.

على سبيل المثال، أظهرت عمليات "الوعد الصادق" عام 2024 ، التي نُفذت ردًا على هجوم الكيان الصهيوني على القنصلية الإيرانية في دمشق واستشهاد قادة المقاومة، قوة إيران العسكرية للعالم.

إذن لم يضمن هذا الاقتدار، الأمن الوطني فحسب، بل وفرت أيضا منصة للتقدم العلمي والاقتصادي. وعلى عكس ادعاءات المعارضين، فإن العمق الاستراتيجي للنظام في المنطقة لم يكن مكلفا فحسب، بل خلق أيضًا فرصًا اقتصادية وسياسية عديدة للجمهورية الإسلامية من خلال ترسيخ الاستقرار الإقليمي.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة