ما الذي يبحث عنه ابن زايد وابن سلمان في ليبيا؟
الحرب الاستنزافية في ليبيا تطوي اسابيعها الاولى بلا اي مدى منظور لنهايتها، وفي هذا البين فان المحمدين يلعبان دورا محوريا على صعيد تأجيج اتون هذا النزاع.
بعد اليمن والمساهمة السعواماراتية في العدوان على هذا البلد والذي دخل عامه الخامس دون تحقيق اي تقدم يذكر، دخل بن سلمان بمعية معلمه ابن زايد في معمعة اخرى هدفه زعزعة الاستقرار في ليبيا. ورغم أن مصر وبالطبع فرتسا دخلا على الخط الى جانب هذين الاثنين لدعم حفتر، لكن الدخيلين يبحثان عن تحقيق اهدافهما الخاصة.
وفي هذا الاطار يمكن القول ان فرنسا لديها اطماع تاريخية في ليبيا وترى من حقها الحصول على حصة من المصادر الليبية ولعب دور في رسم مستقبل هذا البلد ، اما مصر وبمنأى عن انها احدى جيران ليبيا وتاكيدها على ان تطورات هذا البلد ستترك تاثيرها عليها لا محالة ، يبدو انها ومن خلال المساعدة في تصعيد الاوضاع في هذا البلد تسعى الى تحقيق هدف بعينه وهو حرف الراي العام عن تغيير الدستور المصري لصالح حكم السيسي.
هناك مقولة شهيرة تنقل عن العقيد القذافي مفادها انه قال لليبيين "الن تنعموا بالاستقرار ولا بالامن ولا الرخاء من بعدي" . السيسي ايضا وان ليس بصراحة ولكنه من خلال دعمه لحفتر واسناده له وبالتالي زعزعة الاستقرار في ليبيا يحاول توجيه رسالة الى معارضيه مفادها انه يجب ان يرضخوا لحكمه حتى عام 2030 ، ما يعني رئاسته مدى الحياة .
كما لا يجب أن نغفل عن القلق الذي يساور السيسي من وصول الاخوان الى سدة الحكم في ليبيا التي هي احدى جيرانه . استقبال السيسي لحفتر بحفاوة في القاهرة خير دليل على هذا الدعم والاسناد.
اما فيما يخص السعودية ودعمها لهجوم حفتر على طرابلس وفضلا عن التنويه الى قلق حكومة سلمانكو لاسيما ابن سلمان – الذي يحلم بسيادة العالم الاسلامي حاليا اكثر من اي وقت مضى – حيال وصول الاخوان الى السلطة في ليبيا ، يجب التلميح الى قلق آخر يتمثل في بلورة مناخ سياسي منفتح في ليبيا والحريات الاجتماعية الناتجة عن استقرار حكومة وطنية ديمقراطية.
هذا القلق لا يختص بليبيا فقط بل ان اي بلد اسلامي آخر يشهد مثل هذا الانفتاح السياسي ، سيكون بمثابة اعصار مدمر وتهديد كبير لديكتاتورية سلمانكو التي تحلم بقيادة العالم الاسلامي المنفتح والمتحرر.
التدخلات السعودية الهادفة الى ادارة تطورات السودان والجزائر خلال الاشهر الاخيرة لا سيما خلال الاسابيع الاخير خير دليل على هذه المسالة.
امارات بن زايد التي يمكن وصفها في الادب السياسي الرائج خلال السنوات الاخيرة بـ" المستعمر الصغير " نظرا لدورها المخرب في كل مكان ، ورغم انها تحاول التمظهر بانها تقف الى جانب السعودية وتنسجم مع توجهات ابن سلمان، الا انها في الحقيقية وباعتبارها منافسة قوية تسعى الى لعب دور اكبر من ابن سلمان، ليس فقط في مجالاتها الخاصة بها بل في المجالات المشتركة مع السعودية أيضا ، وعلى الاقل تحاول القيام بدور مساو لما تقوم به السعودية ، ولذلك نرى بانها تلعب دورا ناشطا في الجزائر والسودان خلال هذه الايام ، وكثفت نشاطها في ليبيا ايضا وتسعى الى تأزيم الاوضاع في هذا البلد وعسكرته خدمة لاهدافها الاستعمارية الناعمة .
ابن زايد ايضا وكما هو شأن ابن سلمان يشعر بقلق حيال وصول الاخوان الى سدة الحكم ، ويخشى من تفجر الصحوة الاسلامية في بلاده وتكرار الاحداث التي شهدتها مصر وليبيا ، وبالتالي يسعى الى ايجاد موطىء قدم قوي له في افريقيا لاسيما شمال القارة السوداء ، من خلال تركيزه على منطقة ليبيا الغنية وترك بصمة له على منطقة شمال افريقيا وليبيا.
ختاما ينبغي القول ، رغم ان نتيجة الاصطفافات الخارجية في ليبيا ليست سوى تأجيج اتون حرب استنزافية لا خاتمة لها في المدى المنظور ، الا ان اقل ما سيحققه المحمدان هو عدم عصف الربيع العربي ببلديهما او تسويفه من جهة ، والحيلولة دون اعادة احياء عدوهما العقائدي ، اي الاخوان من جهة أخرى.
ابو رضا صالح - قناة العالم