كان دور اليهود وبني إسرائيل في تاريخ الإسلام وتفاعلهم مع الأنبياء والطوائف دائما موضوعا هاما وحساسا. ويشير القرآن المجيد والمصادر الإسلامية إلى التحديات والصراعات التي كانت قائمة بين الأنبياء وجماعات اليهود والمشركين. ولا يمكن رؤية هذه القضية في علاقتهم بالأنبياء فحسب، بل أيضا فقد استمرت هذه التحديات بطريقة مختلفة مع انتشار الإسلام.
مراجعة تاريخية ودينية
وبحسب المصادر الدينية، فإن بني إسرائيل قد حرفوا الأنبياء الإلهيين في كثير من الأحيان عن طريق الهدى، بل وقتلوهم. وكان هذا السلوك نتيجة نظرتهم الخاصة ونهجهم العرقي تجاه السلطة والسيادة.
ومن وجهة نظر الصهيونية، فإن الحفاظ على السلطة والنفوذ السياسي والاجتماعي بأي ثمن، حتى من خلال انتهاك حقوق الآخرين، يعتبر أمرًا مشروعًا. ومن الأمثلة البارزة في هذا السياق الحديث الذي يشير إلى مقتل سبعين نبياً على يد بني إسرائيل.
إن هذا العمل العنيف الذي يخلو من أي إحساس بالمسؤولية أو الندم يظهر مخاطر وأضرار التفكير غير الصحي الذي لا أساس إنساني وأخلاقي له.
النظرة إلى القرآن والاختلاف في السلوك
يتم تقديم اليهود والمشركين في القرآن الكريم كمجموعات لها عداوة مع المؤمنين. وقد ورد ذكر هذه العداوة في الآية 82 من سورة المائدة المباركة حيث قال الله تعالى: "«لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَىٰ»".
تشير هذه الآية إلى نقطة دقيقة ومهمة من خلال التعبير عن قرب المسيحيين من المسلمين؛ ويوجد بين المسيحيين أشخاص يعرفون بعلماء الدين مثل الكهنة والرهبان، وجعل هذا الحضور العلمي والمعنوي هذه الفئة أقرب إلى النظرة التوحيدية للإسلام وتجنب السلوك الاستكباري.
وفي هذا الاختلاف في المواقف والسلوك بين المسيحيين واليهود، يبين لنا القرآن الكريم أن التربية والأخلاق الدينية ووجود علماء بارزين يمكن أن يكون له تأثير مباشر وإيجابي في السيطرة على الميول الحسية وتعديل السلوكيات.
رؤية الصهيونية لقوى اليوم وتحدياته
يكون للصهيونية، كإيديولوجية سياسية، هدف يتجاوز الحياة الدينية والاجتماعية لليهود، وقد تشكلت في الغالب في اتجاه تحقيق القوة والهيمنة العالمية. ومن إحدى المشاكل الرئيسية لهذه الإيديولوجية هو استخدام أي أسلوب، حتى العنف وانتهاك حقوق الناس والإبادة الجماعية، لتحقيق أهدافها.
تحاول هذه الإيديولوجية الحفاظ على قوتها وتوسيعها بأي ثمن دون مراعاة القيم الإنسانية والأخلاقية. واليوم لم يفرض على العالم سوى بضعة ملايين من الصهاينة، بتأثيرهم في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية، الكثير من الأزمات والصراعات.
وهذا النوع من السلوك، الذي يصاحبه سعي غير محدود للسلطة، كان دائمًا محل انتقاد القرآن الكريم وتعاليم الإسلام، وقد وقف أنبياء الله ضده بشدة. وفي الواقع، يحاول الإسلام خلق مجتمع خال من الاستبداد والظلم من خلال التأكيد على العدالة، وتجنب القسوة، واحترام حقوق الإنسان.
نقد القرآن الكريم لنزعات التسلط والانحراف لدى الصهاينة
إن الصهيونية باعتبارها إيديولوجية سياسية حديثة، تجاوزت التعاليم الدينية اليهودية وركزت على اكتساب السلطة والسيطرة على الموارد والأراضي. ويشير القرآن الكريم في عدة آيات إلى خصائص ومناهج بعض جماعات بني إسرائيل، والتي يمكن التعرف عليها في الشكل التاريخي والمعنوي لهذه العقيدة. وينتقد القرآن الكريم بشكل مباشر أو غير مباشر هذه النزعات الاستبدادية والانحراف عن التعاليم الأساسية التي تؤدي إلى السعي إلى السلطة.
وعلى سبيل المثال يشير سبحانه وتعالى في الآية 64 من سوره المائدة المباركة إلى إحدى الصفات البغيضة عند بعض اليهود:
«وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم مَّا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ.»
يشير سبحانه وتعالى في هذه الآية إلى فساد اليهود وترويجهم للحرب، ويؤكد أن هذه الخصائص تتعارض مع التعاليم الإلهية. فالصهيونية، معروفة اليوم كإيديولوجية سياسية، بنهجها الحربي وإفسادها في الأرض. وتُظهر هذه الآية أن محاولة الهيمنة من خلال الفساد والحرب كانت دائمًا سمة لبعض المجموعات البغيضة.
فساد بني إسرائيل في الأرض مرتين
وكذلك يتحدث القرآن الكريم في الآيتين 4 و5 من سورة الإسراء المباركة عن فساد بني إسرائيل الذي فعلوه في الأرض مرتين:
«وَقَضَيْنَا إِلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا * فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَّنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَّفْعُولًا.»
تشير هذه الآيات إلى فساد بني إسرائيل وتمردهم، وتبين أن الله سيعاقبهم بسبب هذا الفساد والسيطرة. وتُظهر هذه العملية التاريخية أن نزعات بني إسرائيل في السعي إلى السلطة والهيمنة كانت بلا أسس أخلاقية وكانت مرتبطة دائمًا بالفساد.
ومن ناحية أخرى، كما ذكر في الآية 82 من سورة المائدة المباركة، يشير سبحانه وتعالى إلى العداء الشديد لبعض اليهود تجاه المسلمين:
«لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا...»
كما تدل هذه الآية الكريمة على أن بعض اليهود يكنون عداوة شديدة للمؤمنين. ويمكن أن يكون هذا العداء مرتبطا ببعض سلوكيات الصهيونية التي تهدف إلى التفوق واستغلال الأمم الأخرى.
وكالة تسنيم