وأثار اغتيال إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في طهران، في 31 يوليو 2024، موجة من التساؤلات والمخاوف بشأن التداعيات المحتملة لهذا الحادث على الحرب في غزة والصراع الإقليمي المتعلق به وعملية المفاوضات والوضع الداخلي لحركة حماس وعلاقاتها مع العالم الخارجي. لكن اختيار يحيى السنوار، رئيس حماس في غزة، خلفا لهنية، يعطي صورة واضحة عن استراتيجية الحركة المستقبلية في الحرب.
قد يكون هذا الاختيار مفاجئًا للكثيرين. لأنه كان من المتوقع أن يتحمل هذه المسؤولية شخص من الجناح السياسي للحركة. لكن من الطبيعي أن نعرف أن هذا الاختيار هو نتيجة اغتيال هنية واتجاه جديد بعد التوتر الإسرائيلي الأخير.
وتظهر الأسباب الداخلية للحركة، كأحد العوامل الأساسية لهذا الاختيار، أن السنوار، المعروف بمهندس عملية 7 أكتوبر، يواصل لعب دور فعال في قيادة المقاومة على الأرض.
وذلك على الرغم من مرور أشهر على بداية الحرب، ولم يتمكن الكيان الإسرائيلي بكل قدراته العسكرية والاستخباراتية والتجسسية المتقدمة من الوصول إليه واغتياله.
كما يظهر هذا الاختيار ثقة الفصائل السياسية والعسكرية للحركة بالسنوار كشخص قوي قادر على إدارة حماس داخل البلاد وخارجها في زمن الحرب.
الرسائل التي يحملها انتخاب السنوار:
1. الوحدة والمقاومة ضد إسرائيل
إن انتخاب السنوار لا يظهر فقط الوحدة الداخلية على مستوى العلاقة بين مختلف فصائل الحركة في غزة وخارجها، بل يبعث أيضاً برسالة مقاومة واضحة للمحتلين الإسرائيليين. وهذه الرسالة هي أن حركة حماس لا تزال قوية ولديها القدرة على إنتاج قيادة جديدة لمواجهة تحديات المرحلة الجديدة من الحرب بعد اغتيال هنية.
وبينما تمكنت إسرائيل من اغتيال هنية خارج فلسطين لإضعاف عزيمة المقاومة في غزة وإظهار قدراتها العسكرية والاستخباراتية، عليها الآن أن تواجه السنوار. والذي لا يُعرف فقط بأنه مهندس عملية طوفان الأقصى، بل يلعب الآن دور القائد السياسي لحركة حماس أيضًا.
2. إذلال العدو
روج رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اغتيال هنية باعتباره رمزا لقدرة الكيان الإسرائيلي على اغتيال كبار قادة الجناح السياسي لحركة حماس. لكن اختيار السنوار خلفا لهنية يعني، بشكل ما، إذلال نتنياهو وزيادة إحراجه الداخلي، لأن الكيان الإسرائيلي فشل حتى الآن في اغتيال السنوار، الذي يعتبره المذنب الرئيسي في عملية طوفان الأقصى.
وهكذا فإن نتنياهو بعد اختيار السنوار سيواجه تحديا كبيرا في الاستمرار في الترويج لاغتيال هنية واغتيال القائد العام لكتائب القسام محمد الضيف ونائبه مروان عيسى باعتباره نجاحا في تحقيق أهداف الحرب.
3. التفاوض من القائد الميداني
إن اغتيال هنية، الذي كان يُنظر إليه على أنه القوة الدافعة وراء توصل الجناح السياسي لحركة حماس إلى اتفاق لإنهاء الحرب، أوضح أن نتنياهو يسعى للتهرب من الاتفاق وإطالة أمد الحرب.
إن اختيار السنوار خلفاً لهنية ينطوي على ثلاثة توجهات مهمة من جانب حماس فيما يتعلق بالمفاوضات.
أولاً، لم تعد حركة حماس مستعدة لمواصلة هذه المفاوضات طالما استمر نتنياهو في خداعها.
ثانياً، الكلمة الأخيرة في المفاوضات ستحددها المقاومة الميدانية.
وثالثاً، من الآن فصاعدا، سيكون على الوسطاء التفاوض مع السنوار لتحديد إطار أي اتفاق محتمل في المستقبل.
خاتمة
يشير انتخاب يحيى السنوار رئيسا جديدا للمكتب السياسي لحركة حماس إلى التغيرات الاستراتيجية التي تشهدها هذه الحركة في ظل ظروف الحرب الراهنة.
كما يحمل انتخاب السنوار رسائل واضحة عن الوحدة الداخلية وإذلال العدو وزيادة قوة المقاومة في المفاوضات.
وستواصل حركة حماس العمل على إنهاء عمليات القتل التي يرتكبها الكيان الإسرائيلي في غزة والتوصل إلى اتفاق يحفظ المكتسبات الاستراتيجية للمقاومة بعد 7 أكتوبر.
parstoday