ووثق المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان قصف الطائرات "الإسرائيلية" بشكل مباشر لتسع مدارس تستخدم كمراكز إيواء لآلاف النازحين في مدينة غزة وذلك خلال ثمانية أيام، وتدميرها على رؤوس من فيها والتسبب باستشهاد 79 فلسطينيا وإصابة 143 آخرين، غالبيتهم من الأطفال والنساء، إلى جانب فقدان آخرين تحت الأنقاض وتعذر انتشالهم لعدم وجود معدات مناسبة لطواقم الإنقاذ.
وبهذا الصدد، أكدت مديرة الاستراتيجيات لدى المرصد الأورومتوسطي "مهى الحسيني" لموقع العهد أن السياسة "الإسرائيلية" في استهداف مدارس الإيواء ليست جديدة، إنما هي سياسة ممنهجة وبدأت منذ بدء حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة في تشرين الأول/أكتوبر حيث تواصل قوات الاحتلال استهداف مدارس النازحين التي تؤوي عشرات الآلاف من النازحين في جميع أنحاء قطاع غزة.
وقالت الحسيني "إننا نشهد تصعيدا "إسرائيليا" واضحًا في استهداف هذه المدارس تحديدا في شمال قطاع غزة" ولفتت إلى أن هذه السياسة ترمي إلى "نزع الشعور بالأمان لدى النازحين أو السكان في عموم شمال قطاع غزة، بالإضافة إلى أنها تشكل وسيلة ضغط إضافية على السكان في القطاع، لأنه منذ الثالث عشر من تشرين الأول/أكتوبر عندما بدأ الجيش "الإسرائيلي" إصدار أوامر النزوح القسري ضد السكان، كان ينتهج عدة طرق وأساليب وأدوات ترهيب من خلال ارتكاب المجازر ضد السكان في محاولة منه لدفعهم باتجاه الجنوب وتفريغ شمال غزة من السكان".
وشددت الحسيني على أن جميع ذرائع جيش الاحتلال في استهدافاته ليست مبررة وفق القانون الدولي الإنساني، تحديدا بأن الاستهدافات وخصوصا الأخيرة استهدفت عددا كبيرا من الأطفال والنساء وهي استهدافات ممنهجة ضمن سياسة انتقامية.
ولفتت إلى أن "ما يحدث في هذه المدارس هو استهداف بقنابل ثقيلة وشديدة التفجير تحدث دمارا هائلا"، وقالت "بالأمس في 08 آب/أغسطس وثقنا استهدافا لمدرستي "عبد الفتاح حمودة" و"الزهراء" في حيّ "التفاح" شرقي مدينة غزة واللتين تؤويان آلاف النازحين، ما أدى إلى استشهاد 17 مدنيا وفقدان 16 وإصابة العشرات، بينهم عدد كبير من الأطفال والنساء"، موضحة أن الإصابات تراوحت بين احتراق للأطفال وبتر للأطراف وغيرها من الإصابات التي تبين طبيعة الأسلحة الفتاكة التي تستخدمها قوات الاحتلال في استهداف المدنيين.
وأضافت مديرة الاستراتيجيات لدى المرصد الأورومتوسطي أن "المدارس هي ليست المناطق الوحيدة التي يستهدفها الجيش "الإسرائيلي"، فإنه يستهدف كل ما هو موجود في قطاع غزة بشكل عام"، مؤكدة أن "الحرب التي تجري في القطاع هي ليست مقابل فصيل سياسي أو عسكري معين بل هي حرب ضد مليوني إنسان وبالتالي هذه الهجمات تصيب جميع مكونات الشعب الفلسطيني في قطاع غزة من مدارس ومنازل ومناطق حتى التي أعلنها جيش الاحتلال أنها آمنة، أبرزها استهداف منطقة مواصي خان يونس بعد أن أعلن أنها منطقة آمنة ودعا إلى التوجه إليها وقام بعد ذلك باستهدافها"، مشددة على أن "ما يحدث اليوم هو سياسة "إسرائيلية" ممنهجة في استهداف أي فلسطيني في القطاع في سياسة عقاب جماعي وبهدف إشعارهم بأن هذا المكان غير قابل للعيش وهي سياسة تهدف لدفعهم للهجرة خارج القطاع وبالتالي تفريغه".
وحول تعاطي المنظمات الدولية والحقوقية تجاه هذه الاعتداءات، قالت الحسيني إن "السلطات "الإسرائيلية" منعت أية طواقم تحقيقي أممية أو دولية أو صحفيين دوليين من الدخول إلى قطاع غزة للتحقيق في الانتهاكات وتوثيقها على الأرض وبالتالي هي تعرقل عمل المنظمات الدولية والمنظمات الأممية".
وأشارت إلى أن "لجان التحقيق التي كانت دخلت إلى قطاع غزة قامت بتوثيق الانتهاكات والتحقيق فيها ثمّ توثيقها وتقديمها إلى لجان التحقيق الأممية"ولفتت إلى أن دور المنظمات الحقوقية يأتي لتوثيق هذه الانتهاكات وتقديمها لمحاولة الوصول إلى التحقيق فيها دوليا وأمميا وإنصاف الضحايا ومساءلة المسؤولين عن ارتكاب هذه الجرائم، لكن للأسف هناك تقصير من جانب المنظمات الدولية والمجتمع الدولي في الضغط على السلطات "الإسرائيلية" في كثير من جوانب العقاب الجماعي الذي يُمارس ضدّ الفلسطينيين.