جميع الخبراء العسكريين على اتفاق، أن استهداف القوات المسلحة اليمنية، قلب مدينة تل أبيب بطائرة مسيرة يعد من أخطر العمليات التي يتعرض لها الكيان منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
فرغم أن الهجوم لم يسفر إلا عن مقتل شخص واحد وإصابة آخرين، إلا أنه كشف عن وجود قدرات هائلة تمتلكها فصائل المقاومة ومنها القوات المسلحة اليمنية، لم تستخدم إلى الآن، كما كشف عن عجز منظومة الدفاع الجوي المتعددة الطبقات في الكيان، والتي كانت تعطي للمستوطنين شعورا بالأمان، وهو أمان ما أسرع ما تبخر، وباتت كل "إسرائيل" مكشوفة، فلا امتياز لتل أبيب على مستوطنات غلاف غزة أو شمال فلسطين المحتلة.
مسيرة "يافا" داست على "نظرية الردع الإسرائيلية"، بعد أن كسرها "هدهد" حزب الله، فالكيان بات في مواجهة محور يمتلك قدرات لم تخطر على بال "إسرائيل" وحماتها، ففي الوقت الذي قطعت فيه مسيرة "يافا" اليمنية أكثر من 2000 كيلومتر في 9 ساعات دون ان تكشفها الرادارات الأمريكية والبريطانية و"الإسرائيلية"، مازال الخبراء العسكريون في الكيان الإسرائيلي، يعتقدون ان مسيرة "يافا" ليست سوى مسيرة "صماد 3"، بينما المعروف أن أقصى مدى تصل إليه مسيرة "صماد 3" ، هو 1700 كيلومتر.
مسيرة "يافا" اليمنية، وضعت الكيان الأسرائيلي في مأزق كبير، فزعماء الكيان ومن أجل حفظ ما تبقى من ماء وجههم، أخذوا يهددون بالرد المباشر على الضربة اليمنية، و"عدم ترك الأمر للأميركيين"، ومنهم وزير الحرب الإسرائيلي يوآف غالانت، متناسين أن اليمن يتعرض منذ أكثر من 7 سنوات لعدوان شامل، كما يتعرض منذ شهور لقصف امريكي بريطاني متواصل، دفاعا عن الكيان الإسرائيلي، دون أن يؤدي هذا القصف الوحشي، لوقف الدعم اليمني لأهل غزة، فماذا يمكن أن يضيف كيانهم العاجز، من ضغط إلى الضغط الذي يمارسه اسيادهم الغربيين على اليمنيين.
مأزق الكيان الاسرائيلي، بعد مسيرة "يافا" يتمثل، في عدم وجود خيارات كثيرة امامه للرد على الضربة اليمنية، فهو يتخوف من أن يؤدي الرد على اليمن بشكل مباشر إلى دفع اليمنيين أكثر لتكثيف هجماتهم، بالإضافة إلى إشعال جبهات أخرى، وخاصة مع حزب الله والمقاومة العراقية، عندها لا يكون بمقدور الكيان الإسرائيلي الحرب على عدة جبهات، وفي حال لم يرد الكيان عندها سيكرس حال الضعف لديه، ويكون عرضة لمزيد من الضربات ايضا.
الحصيلة التي وصل اليها معظم الخبراء، وهي أنه ليس أمام الكيان، إلا وقف العدوان على غزة، فهذا الكيان استنفد كل ما في ترسانات الغرب من أسلحة، وما في خزائنه من اموال، دون أن يحقق أيا من أهداف عدوانه على غزة المحاصرة فحسب، بل بات قلب كيانه اليوم مهددا، دون أن يملك القدرة على دفع هذا التهديد.
معضلة الكيان هذه ستزيد الضغط على نتنياهو المتغطرس وعصابته الحاكمة لوقف عدوانهم الوحشي على غزة، والقبول بصفقة مع المقاومة الفلسطينية، تُنزل نتنياهو ورهطة من الشجرة، التي تسلقوها بتحريض أمريكي، ظنا منهم أن محور المقاومة سيترك غزة لوحدها، وهو أمر لم ولن يحدث، وسيأتي اليوم الذي يعض فيه نتنياهو على يديه من الندم، لأنه لم يبتلع "طوفان الاقصى"، من أجل الاحتفاظ بالكرسي، ويعري إرهاب وإجرام ووحشية كيانه أمام العالم، ويحرج داعميه.
أحمد محمد