السؤال:
ما معنى العلمانية؟، وما موقف الإسلام منها؟، وهل يجوز التعامل السياسي مع من يسمون بالعلمانيين؟.
الجواب:
العلمانية مصطلح مفاده فصل الدين عن الحياة الاجتماعية والسياسية، وهو يعبِّر عن اتجاه فكري يقضي باختصاص الدين بالفرد، وإنَّ الدين ما هو إلاّ مجموعة معتقدات وطقوس تُحِّدد علاقة الإنسان بربه ولا صلة له بتنظيم شؤون المجتمع، وأنَّ علاقة الإنسان بالمجتمع يصوغها الإنسان نفسه.
وعليه فالمرتكزات التي يقوم عليها الاتجاه العلماني هي ما يلي:
الأول:
أن المساحة التي يتحرك الدين في إطارها لا تتعدى العلاقة الشخصية بين الإنسان وربه.
الثاني:
إن إدارة الدولة بجميع مفاصلها لابدَّ وأن تقوم على أساس الرؤية البشريّة.
الثالث:
إن الذي له صلاحية التقنين والتشريع في كل ما يرتبط بالشأن الاجتماعي الخاص أو العام إنما هو الإنسان.
الرابع:
إن الولاية والحاكمية في الاتجاه العلماني ليست لله عز وجل ولمن يخوُّله وإنما هي للإنسان ولمن يُخوِّله.
وأمَّا موقف الإسلام فهو على طرفِ نقيض من الاتجاه العلماني.
فالإسلام ليس ديناً فرديّاً يُحدِّد علاقة الإنسان بربه وحسب بل هو بالإضافة إلى ذلك جاء بنظام شامل ومستوعب لجميع مفاصل الحياة الاجتماعية.
فليس ثمة شأنٌ من شؤون الانسان الفردية والاجتماعية مهما حقُر ودقَّ إلا وللإسلام فيه حكم.
قال تعالى: ﴿وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ﴾(1)
فالإسلام منظومة متكاملة من القوانين والتشريعات ترتبط بالأحوال الشخصية وبالعقود والمعاملات الخاصة والعامة والأحكام الجنائية ومسائل الحرب والسلم وحدود العلاقة مع الآخرين من أصحاب الديانات كما أنه له أحكام ترتبط بالولاية والحاكمية وحدودهما والشروط المعتبرة في التصدي للولاية.
ثم إنَّ الله عزَّ وجلَّ لم يأذن لعباده في اعتماد غير ما جاء به الإسلام وأمر عباده بالتزام أحكامه قال تعالى: ﴿وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ﴾(2)، ﴿.. فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾(3)، ﴿.. فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾(4).
وأمَّا التعامل مع العلمانيين فلا بأس به إذا كان في ذلك نفع للمؤمنين ولم يكن التعامل مستلزماً لارتكاب محذورٍ شرعي.
الشيخ محمد صنقور
----------------------
1- سورة النحل / 89.
2- سورة المائدة / 44.
3- سورة المائدة / 45.
4- سورة المائدة / 47.