البث المباشر

من هو "رفعت العرعير" الذي أصبحت قصيدته الأخيرة أيقونة لدعم غزة؟

الأحد 5 مايو 2024 - 14:24 بتوقيت طهران
من هو "رفعت العرعير" الذي أصبحت قصيدته الأخيرة أيقونة لدعم غزة؟

‏" إذا كان لا بدّ أن أموت ‏فلا بد أن تعيش أنت ‏لتروي حكايتي "

اشتهر الشاعر والأكاديمي الفلسطيني رفعت العرعير (سبتمبر 1979-ديسمبر 2023)؛ بقصيدة موته بعد أن استشهد بالقصف الإسرائيلي على غزة..

فهو كتب قصيدة إعلان موته بالإنجليزية، وجاء فيها:

‏"إذا كان لا بدّ أن أموت

‏فلا بد أن تعيش أنت

‏لتروي حكايتي

‏لتبيع أشيائي

‏وتشتري قطعة قماش

‏وخيوطاً

‏(فلتكن بيضاء وبذيلٍ طويل)

‏كي يُبصر طفلٌ في مكان ما من غزّة

‏وهو يحدّق في السماء

‏منتظراً أباه الذي رحل فجأة

‏دون أن يودّع أحداً

‏ولا حتى لحمه

‏أو ذاته

‏يبصر الطائرة الورقية

‏طائرتي الورقية التي صنعتَها أنت

‏تحلّق في الأعالي

‏ويظنّ للحظة أن هناك ملاكاً

‏يعيد الحب

‏إذا كان لا بد أن أموت

‏فليأتِ موتي بالأمل

‏فليصبح حكاية".

 

أما قصيدته فلم تنقطع عن الألسن، فالممثّل الاسكتلندي براين كوكس ألقى قصيدة رفعت العرعير الأخيرة.

 

 

 

كما ردّدتها شابة وناشطة أميركية في مقطع مصوّر، ومازال المقطع يحظى بتداول واسع في وسائل التواصل الاجتماعي. كما خرجت مسيرات في مدن العالم تحمل صوره وتدعو إلى وقف الحرب على غزة.

وفي معرض الكتاب الوطني في روما، نهضت فتاتان مناصرتان لفلسطين لإلقاء القصيدة أمام الجمهور.

 

العبور إلى العالم

كان العرعير واعياً بأن تكون قصيدته باللغة الإنجليزية، كي تطير وتحلّق عبر العالم كله، وحريصاً أن يضمّنها حكايته ومأساة شعبه، آملين أن تتحوّل أرواح الضحايا إلى طائرات ورقية ملوّنة تسعد أطفال غزة!

قال العرعير كلمة لا تُنسى: "عندما نكتب عن الشهداء، يجب أن نذكر أن الاحتلال قتلهم. يجب أن لا نترك الفعل للمجهول".

 

في مواجهة القتل

أصبح العرعير وقصيدته أيقونَتين متلازمتين، ولعلّ جمالية النصّ أنه جاء خلواً من الميلودرامية ورثاء الذات، ومفعماً بأمل شفيف في الخلاص من كل هذا، شرط أن تصل الحكاية إلى الناس كلهم.

في الحروب يتباهى كل طرف بما يمتلكه من قنابل وصواريخ وطائرات، ويصفّق جمهور الشاشات كلما تضاعفت أعداد القتلى. بينما العرعير لا يملك سلاحاً، ولا يخوض حرباً، بل ذهب إلى الفكرة الأكثر سموّاً وراء هذا كله؛ وهي حقّ كل إنسان في الحياة، وحقّه في قول كلمته.

بهذه السلمية الشُجاعة، قال رفعت العرعير: "أنا أكاديمي، وإذا هاجم جنود الاحتلال بيتي، فإني سألقي عليهم القلم.. ولو كان آخر شيء أفعله"!

إنه لا يُخفي قنابل في بيته، ولا يجيد إطلاق الرصاص على أحد، لأنه مُعلّم، آمن بأشعار شكسبير ووردزوورث وإليوت وتوماس وايت وعمر الخيام ومحمود درويش. آمن بأن السلام سوف يسود إذا ما انتصر القلم على الدبابة، والعقل على شهوة القتل.

وهو أستاذ الكتابة الإبداعية والأدب الإنجليزي في الجامعة الإسلامية في غزة، وهو من قرّر عقب عدوان العام 2014، الذي فقد فيه شقيقه وأفراداً من أسرة زوجته، أن يتبنّى مشروع "نحن لسنا أرقاماً"، الذي يهدف إلى طرح معاناة الغزّيين عبر القصص، حتى لا يتحوّلوا إلى مجرد أرقام وأسماء غامضة في نشرات الأخبار، فمن حق الضحايا أن يمتلكوا قصصهم، وأن يحكوها للعالم كله، قصّة أرضهم وحقّهم في الكرامة والعيش.

اتخذ العرعير حينها على نفسه عهداً بترجمة كل ما يستطيع من قصص إلى الإنجليزية، حتى عناوين مثل "غزة تكتب مرّة أخرى" و"غزة بلا صمت".

If I Must Die
Refaat Alareer

If I must die
you must live
to tell my story
to sell my things
to buy a piece of cloth
and some strings
(make it white with a long tail)
so that a child, somewhere in Gaza
while looking heaven in the eye
awaiting his dad who left in a blaze –
and bid no one farewell
not even to his flesh
not even to himself –
sees the kite, my kite you made, flying up
above
and thinks for a moment an angel is there
bringing back love
If I must die
let it bring hope
.let it be a tale

 

مع ذلك بقيت آلة القتل أشدّ فتكاً، ولم يوقفها قلم العرعير، لذلك نشر في مقال عام 2021 كيف فقد في سنوات معدودة أكثر من ثلاثين شخصاً من أقاربه. وعقب "طوفان الأقصى"، لم يصمت قلب الشاعر، وظهر أكثر من مرّة في قنوات عالمية، سي ان ان

وقال كلمة لا تُنسى: "عندما نكتب عن الشهداء، يجب أن نذكر أن الاحتلال قتلهم. يجب أن لا نترك الفعل للمجهول".

 

اكتمال الحكاية

اكتملت قصة رفعت العرعير بمقتله مع شقيقه وشقيقته وأولادها الأربعة، أصبح هو أيضاً حكاية مع مئات الحكايات التي نشرها عن من سبقوه على طريق الآلام.

ومنذ لحظة ارتقائه، تبارى من عرفوه في تدوين شهاداتهم عنه، فكتب خالد صافي المختصّ في الإعلام الرقمي، "من أفضل من التقيتهم، وعملت معهم أدباً وعلماً وخلقاً، صاحب رسالة وفكر نيّر، مطّلع ومثابر وطموح.. لديه من الإنجازات الأكاديمية والعلمية ما يضيفه إلى قائمة النخب الثقافية بجدارة. عزاؤنا أن الشــهـــادة اصطفاء، وأن الله اختاره لجواره".

وانتشر على مواقع التواصل مقطع فيديو لوقفة تضامنية لطلاب جامعة هارفارد الأمريكية مع الشعب الفلسطيني حيث كانوا ينشدون قصيدة "إذا كان لا بد أن أموت.." للشاعر الفلسطيني الأكاديمي العرعير.

 

المصدر: موقع الشرق بتصرف + مواقع التواصل

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة