وقبيل بدء الحوار معي، كان المدعو ايلي نيسان يستخف ويستهزئ و ينفي أي رد يمكن أن تقوم به طهران، ويزعم أنه مثلما تذرعت وتلفعت طهران سابقاً بالصبر الإستراتيجي فإنها سوف تبقى مستترة به كالسلحفاة التي تخفي رأسها داخل درعها (أو القوقعة والدرقة كما تسمى).
لكن ما حصل هو أن طهران أطلقت نحو قلب الكيان المحتل نحو 130 مسيّرة مفخخة و120 صاروخاً من طراز كروز و30 صاروخاً بالسيتياً لتخترق القبة الحديدية أولاً وكذلك مقلاع داود المخصص لاعتراض و تدمير الصواريخ البالستية وصواريخ كروز ومعهما منظومة حيتس 1،2،3 التي تعترض الصواريخ وهي خارج الغلاف الجوي.
فالمقذوفات الجوية الإيرانية وصلت إلى سماء القدس، وأفرحت أهلها ،حتى هتف بعضهم فرحاً [ياحسين] وواصلت طريقها إلى قاعدة نيفاتيم الحيوية والإستراتيجية في قلب صحراء النقب وأصابت القاعدة بأضرار فادحة، كما دكت مطار رامون العسكري.
وفي شمال فلسطين المحتلة، وقعت قاعدة ميرون العسكرية المهمة تحت الضربات الصاروخية لشباب لبنان، فضلاً عن قاعدة ريعيم الجوية التي تتعرض باستمرار لصواريخ المقاومة الفلسطينية المنطلقة من قطاع غزة، وصواريخ أهل اليمن في إيلات، وضربات العراقيين المنقضّة على استحكامات العدو بالجولان.
لقد أظهرت الأقمار الصناعية أن الضربات الجوية والمقذوفات الفتاكة في ليلة 13/14نيسان، أبريل أفشلت محاولات الطائرات الإعتراضية الإسرائيلية ومدفعية الدفاع الجوي المختلفة الأنواع وجعلتها عاجزة أمام الإغراق الصاروخي والمسيّر بكثافة من إيران والحلفاء، ولذلك سارعت ثلاث دول عظمى لحماية أجواء الكيان المحتل، مثلما بادرت إلى ذلك إبّان العدوان الثلاثي عام 1956 ضد مصر.
بالطبع إيران لم تستخدم في الضربة الجوية انتقاماً لسفارتها سوى الأسلحة القديمة والجيل الأول من الصواريخ، وكانت أميركا تعلم وتترصد الصواريخ والطائرات المسيّرة من شمال ووسط وجنوب إيران وهي تعبر الأجواء العراقية المرحّبة بها وغير المعترضة عليها، و لكنها أجواء مستباحة من سلاح الجو الأمريكي عبر استخدامها الباتريوت أو المسيّرات أو الطائرات المقاتلة والمحلقة في أجواء العراق وسوريا والأردن وفلسطين المحتلة، بالتعاون مع سلاح الجو البريطاني والقوة الجوية الفرنسية. في المقابل؛ بدأ الذباب الألكتروني والفضائيات العميلة المنخرطة
في البروباغندا الصهيونية تقلل من شأن الضربات الجوية الإيرانية والمقاومة، وترفع من معنويات العدو وتتطوع لإحباط و تثبيط معنويات المقاومة الفلسطينية والشعب العربي البطل والمناوئ للإحتلال الصهيوني. ختاماً، فإن الصهاينة [ظَنُّوا أَنَّهُم مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا ۖ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ ۚ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ]. الحشر.
بقلم:د.رعد هادي جبارة
باحث ودبلوماسي سابق