ربما يكون من الصعب وضع تعريف محدد لمفهوم “القيادة”، إذ يمكنك القول أنها فعل مرتبط بالتوجيه والإرشاد، أو أنها امتلاك القدرة على التأثير على الآخرين، لكن هذه التعريفات ليست هي ما يعنيه تماماً الأهل عندما يقولون إنهم يريدون لأطفالهم أن يكبروا ليصبحوا “قادة”.
وبالطبع فإنك لن تسمع أحداً يقول أنه يربي إبنه ليصبح “تابعاً”، فالقيادة مؤشر على الثقة والنجاح وعلى المثابرة والتقدم في الحياة، والتبعية في المقابل مؤشر على غياب الرؤية والإنجاز.
التفكير في كيفية غرس هذه الصفات في نفوس الأطفال يفيد في التركيز على الطريقة التي يمكن بواسطتها تنشئة قائد قوي.
دعم التفكير المستقل الكثير من المختصين برعاية الأطفال يشجعونهم على المجازفة، لسبب معقول جداً، هو أنّ الخوف من الفشل قد يكبح جماح الطفل ويمنعه من إنجاز ما هو قادر بالفعل على إنجازه، وقد يمنعه أيضاً من تشجيع أطفال آخرين على القيام بالمهمة ذاتها. في حين أنّ المجازفة حتى وإن كانت نتائجها سلبية تمنح الطفل فرصة لاختبار الفشل والقدرة على التعامل معه.
تطور المهارات القيادية بالتدريج
العقلية القابلة للنمو هو مفهوم شائع هذه الأيام يقترح أنّ الأطفال يستطيعون تطوير مهاراتهم حتى المعقدة منها مثل القيادة” عبر الممارسة الحثيثة والعمل الشاق. بمعنى أنّ مهارات وقدرات الأطفال ليست سمات شخصية ثابتة.
طفلك قادر على التعلم والتطور ليصبح ما يريد وينجز أهدافه. ومع هذه “العقلية” ومع تزويد الأطفال بالثقة بالنفس لمواجهة التحديات، فإنّ الأطفال يدركون أنه ليس عليهم أن يكونوا جيدين في مهماتهم من المرة الأولى. يتعلم الأطفال التعامل مع الأمور خطوة خطوة حتى يحرزوا التقدم المنشود ويحققوا أهدافهم، والقائد الجيد عادة يملك هذا النوع من الصبر والثقة بالنفس.
من جهةٍ أخرى فإن امتلاك الفطنة والذكاء الشخصي مفتاح رئيسي للتأثير على الآخرين، لذلك شجع طفلك على قضاء وقت أطول مع أطفال آخرين بعيداً عن وجود أية أجهزة الكترونية، فالمهارات الإجتماعية يتم اكتسابها عبر فعل حقيقي ملموس، لذلك وفر له فرصة لتركيز اهتمامه على أصدقائه بدون أجهزة الكترونية تشتت انتباهه. هذا يسمح له بالتواصل بصرياً مع أقرانه، والاستماع إليهم وتشارك الأفكار معهم والإنصات إلى وجهات نظر مختلفة، وتعلم احترامها. كذلك يشكل تقدير آراء الآخرين واحترام قدراتهم جزء أساسي في ممارسة القيادة. أخيراً، شجع طفلك على المشاركة والإلتزام بأنشطة ذات قيمة ومعنى بالنسبة له، مثل القيام بعمل تطوعي، أو المشاركة في نشاط مسرحي في المدرسة، أو مساعدة صديق له في حل الواجبات المدرسة، واترك له المجال أحياناً لتولي المبادرة في المنزل بتعليم أفراد الأسرة أمراً جديداً، ربما يكون قد تعلمه في المدرسة مؤخراً. القياديون يؤثرون في الآخرين، والأهل يستطيعون تشكيل هذا النوع من السلوك عند أطفالهم وتوفير الفرص لتطويره في سن مبكرة .