وهذا ما جاء في مقال محمد علي الحوثي:
لقد بدأ جيريمي هنت مقاله بهذه العبارة 'لم يبق شيء في اليمن بمنأى عن الحرب'، ومع صدقها إلا أنها تخالف عنوان مقالته وتناقضه، فوجود السلاح آلة التدمير والقتل هو الذي لم يبقِ شيئاً في اليمن بمنأى عن الدمار والقتل والإعاقة المستدامة، وهو الذي جعل الاطفال يقتلون بدمٍ بارد بالصواريخ الموجهة، وهو الذي جعل المجرم يتحصّن بطائرات "تورنيدو" جنباً إلى جنب مع طائرات "إف" الأمريكية الكاملة التسليح، ليمارس الإجرام اليومي فدمّر الأعيان المدنية ودمّر المنشآت الحيوية والبنية التحتية اليمنية، ودمّر محطات الكهرباء والمياه والطرق، ودمّر المدارس وقتل طلابها بالاستهداف المباشر وبالقصف المزدوج وبالضربة القاضية كما يتفاخر بها الضباط في غرف القيادة والسيطرة.
أمّا عن آثار الأسلحة غير المباشرة على الأطفال وعلى الأجنة فالحديث ذي شجون، فقد بلغت ما يقارب 250 ألفاً كإحصائية أولية، وبحسب تصريحات المنظمات الدولية يموت طفلٌ في اليمن كل 10 دقائق، وهي كما قلت إن "محنة اليمن ليست نتيجة كارثة طبيعية بل صراع مأساوي من صنع الإنسان"، لكنك تتغافل عن تسمية الإنسان الصانع لهذه المحنة وهو من يـدير ويشارك في العدوان من الإدارة الأمريكية وجيشها والإدارة البريطانية وجيشها وإدارات الدول المتحالفة معهما وجيوشها.
إن سلاح البحرية التابع للقوات المشتركة للعدوان الأمريكي البريطاني السعودي الإماراتي وحلفائه باليمن هو أيضا المسئول عن الحصار وما وصلت اليه الأوضاع الإنسانية المأساوية التي وصلت إلى حد المجاعة، ويحتاج ـ كما قلت ـ "حوالي 24 مليون يمني إلى مساعدات الطوارئ في الغذاء والدواء"، وهو التعداد السكاني لليمنيين في المناطق خارج سيطرة القوات المشتركة في اليمن تقريبا.
إن استمرار العدوان الأمريكي البريطاني السعودي الإماراتي وحلفائه حتى اكتمال سنته الرابعة في "أحدث مرحلة من الصراع الرهيب" ـ وفق قولك يا سيد جيرمي ـ هو نتيجة طبيعية للحفاظ على مصالحكم من خلال تشغيل مصانع السلاح وإبرام عقود صفقات السلاح والصيانة والتدريب والمشاركة في القيادة عند قصف وقتل أبناء الشعب اليمني، وهو ما يظهره توجهكم وتصريحاتكم وممارساتكم الفعلية تحت ستار ومبرر إبقاء التأثير، مع علمكم بأن العدوان الأمريكي السعودي الاماراتي وحلفائه الذي أنتم جزء أساسي منه يرتكب جرائم الحرب ولا يلتزم بما قلت من المبادئ التوجيهية الأكثر صرامة لتصدير الأسلحة في العالم بل أن تسليم الأسلحة لطرف ثالث يؤكد أنك جانبت الصواب ولم تقل الحقيقة هذه التي تثبت إطالة واستمرار العدوان، إن حديثك عن المبادئ ليس إلا لبيع الكلام السياسي للتنصل أمام المجتمع البريطاني عن المسؤولية القانونية والأخلاقية أمام جرائم الحرب والأوضاع الإنسانية.
إنك وحكومتك لم تقم بالتحقيق حتى الآن، ولم تُشكل لجنة للتحقق من الغارات أو تأثير السلاح البريطاني في عدوان دام حتى الآن أربع سنوات وهو يدخل الخامسة، بل ذهبتم إلى إقحام عناصر من الجيش البريطاني في المعارك كما ذكرت صحيفة ديلي البريطانية.
ودعني أؤكد لك أن حديثك عن "الدقة التاريخية مهمة، هذه الحرب لم تبدأ بتدخل بقيادة السعودية، قبل ستة أشهر، في سبتمبر 2014، استولى المتمردون الحوثيون، الذين لا يمثلون سوى 15 في المائة من السكان، على معظم العاصمة صنعاء وطردوا الحكومة المعترف بها دوليًا، وبدأت المملكة العربية السعودية وحلفاؤها عملياتهم في مارس 2015 لاستعادة تلك الحكومة، بما يتوافق مع قرار الأمم المتحدة 2216) هو حديث غير صحيح وفيه مغالطة تاريخية، فالمعروف بأننا بعد الانتصار في 21 سبتمبر 2014 بعد الاحتجاجات السلمية لمواجهة الحكومة الفاسدة المدعومة من الدول العشر ـ التي كانت بريطانيا إحداها ـ توصلنا في الليلة نفسها وبرعاية أممية ومباركة من الدول العشر ومجلس التعاون الخليجي والجامعة العربية والاتحاد الاوربي إلى صيغة اتفاقٍ قضى ببقاء الحكومة التي ثرنا عليها حكومةً لتصريف الأعمال حتى شُكّلت حكومة "اتفاق السلم والشراكة" وتم الدور والتسليم معها، واستمرت هذه الحكومة حتى جاء التوجيه من هادي لبحاح بتقديم الاستقالة تنفيذا لمخطط دول العدوان التي لازالت تحارب أبناء الجمهورية اليمني حتى اليوم، وبدأ العدوان غاراته في 26 مارس 2015 قبل القرار 2216 بثمانية عشر يوماً تقريبا، وبتاريخ 14 أبريل 2015 تقريبا، في عدوان واضح بدون مسوغ قانوني أو تفويض أممي حتى اليوم، وحتى القرار 2216 غير مُلزم وليس مبررا للعدوان على الجمهورية اليمنية.
إن مقالة وزير الخارجية البريطانية للمجلة الأمريكية لا تعدو عن مساندة لموقف "بومبيو" وإدارته التي لها الموقف ذاته، وهي تحمل مغالطات يحاول من خلالها الوزير البريطاني إظهار حكومته أمام العالم بأنها حَمَلٌ وديع لا علاقة لها بما يحدث، متناسيا إعلان مشاركتهم الرسمية في العدوان على اليمن، وحتى نكون أكثر واقعية فإنني أتحداه القبول بلجنة مستقلة للتحقيق في العدوان وأسبابه ومن يتحمل المسؤولية عنه، من خلال الأدلة وآلية قواعد الاشتباك وتصوير وتسجيلات استخدام الأسلحة على الجمهورية اليمنية ـ التي يزعم عدم جدوائية إيقافها ـ حتى تصل الحقيقة إلى المجتمع البريطاني الذي يعلم بفقد مكانة نظامه في المجتمع الدولي جرّاء سياساته العدوانية الخاطئة.
وفي الأخير فإن السلام لا يحتاج إلى دعم بالسلاح وإنما يحتاج إلى إرادة وقرار بالتوقف ـ كونكم من فرض العدوان على اليمن ـ ومعالجة آثاره بواقعية، وليس بإرسال المعونات التي لا تُغير من الواقع المأساوي شيئا، بدليل زيادة المأساة في كل يوم يمر وأنتم مستمرون بتحالفكم العدواني وحصاركم المميت، وهو ما يجب أن يحدث، لا باستمرار صفقات السلاح.