لا البشر العراة، المقوّسي الظهر، أمام مسؤولي وكالة الاستخبارات المركزية، وقد رأوا فيه «الصبي الأمريكي» الذي يحترف التسلل بين العباءات، وبين الدهاليز.
لا أحد إلا ويعلم من اختارك سفيراً في واشنطن، ومن جعلك وزيراً للخارجية قبل أن تناط بك حقيبة وزير دولة للشؤون الأمريكية والإسرائيلية.
هذا الرجل تحدث عن سورية في مؤتمر بروكسل. دنيس روس يرى فيه «الأعجوبة الديبلوماسية»، كما لو أنه خلق أمريكياً، كما لو أنه خلق إسرائيلياً. أليس هذا ما يقوله فيه أركان اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة؟
كيف يتجرأ أن يتحدث عن سورية؟ نخجل، فعلاً نخجل، أن نستعيد ما يقوله فيه نظراء خليجيون. نسأله، كل تلك المليارات التي نثرت على المرتزقة، وعلى قدمي الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، من أجل تقويض الدولة في سورية، هل تركت للبلاط موطئ قدم لذبابة على الأرض السورية؟
مضحك حين يتكلم عن الحل السياسي. نعلم بدقة ما جرى في ليلة القهرمانات في واشنطن. ألم يقل أمام الحاخامات أن الدولة في سورية على قاب قوسين من الزوال؟ في هذه الحال، الطريق إلى «أورشليم» يغدو مفتوحاً على مصراعيه، وتقوم «المصالحة الإلهية»، بحسب عبد العزيز آل الشيخ، بين اسحق واسماعيل.
لا ديبلوماسية أكثر غباء من ديبلوماسية الجبير حين راح يعمل لكوندومينيوم سعودي ـ تركي في سورية، على أن يتزامن ذلك و«السلام المقدس» مع "إسرائيل".
وحده الذي وصف، أمام رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالذات، صفقة القرن بـ«الصفقة المقدسة». تلك العملية القيصرية التي تنطلق من التلاعب بالخريطة السورية، وتبتدع الصيغة الهجينة، والغرائبية، للقضية الفلسطينية، كما لو أن الكائنات البشرية هي الحجارة التي تزرع في أي أرض. متى كان للديبلوماسية الملكية قلب؟ متى كان للديبلوماسية الملكية عقل؟
يا عادل الجبير المطرفي الهذلي، وهذا هو نسبه، من أنت لتتكلم في بروكسل عن سورية؟ هل تجرأت أن تنطق ببنت شفة عن رجب طيب أردوغان، وهو يحمل بكلتا يديه جثة جمال خاشقجي ويلقي بها في وجه ولي أمرك؟
لماذا كل ذلك التذلل على باب الباب العالي الذي قال، وحتماً تناهى إليك ما قاله، «لا حاجة للعسكر لاجتثاث هؤلاء. يكفي… عمال التنظيفات»؟
هل ثمة من كلام أكثر فظاظة، أكثر فظاعة، مما قيل عنكم في البلاط العثماني؟ مسؤولون عرب نقلوا إليكم الكلام بحذافيره ولذتم بالصمت.
أنت عربي، ولم تر، ولا تتجرأ أن ترى أي دور بشع يحاول أن يلعبه أردوغان على الأرض السورية. أنت تعلم، ومن فوقك يعلم، ما كان يخطط له، وفي سياق الأزمة السورية. اسأل بندر بن سلطان عن لقاءات رئيس الاستخبارات التركية هاكان فيدان مع قادة «داعش»، وما كانت ترمي إليه.
ثم تتحدث أنت، الناطق باسم القرون الوسطى، عن الحل السياسي. إنك تعلم ما سورية في صناعة التاريخ، وفي صناعة الحضارات، وفي ديناميكية التفاعل مع ما دعاها المفكر آرنولد توينبي بافتتان «الطبقة العليا من الزمن».
رجل من الطبقة الدنيا من الزمن…!
الوطن - نبيه البرجي