جاء حديث العاروري للميادين رداً على تزايد طرح اسمه مِن قِبل المسؤوليين الإسرائيليين وفي وسائل إعلام الاحتلال آنذاك، حيث شنّ الإعلام الإسرائيلي حملة تحريضٍ، خلال الأشهر الماضية، على استهداف العاروري، محملاً إياه مسؤولية تحريك المقاومة في الضفة الغربية وإشعالها، وواصفاً إياه بـ"مهندس وحدة الساحات" و"الرجل الاستراتيجي".
وضمن موجة التهديد الإسرائيلي الذي استهدف شخص الشهيد بشكلٍ مباشر، توعّد رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، باغتيال العاروري، ليردّ الأخير في حينها، في حديثه إلى الميادين، بأنّ التهديدات "لن تغيّر مساره قيد أنملة".
يُشار إلى أنّه، عقب تصريحات نتنياهو وتهديده باغتيال العاروري آنذاك، انتشرت صورة للشهيد مبتسماً ومرتدياً الزي العسكري وأمامه بندقيته.
وفي إثر الحوار، تحدثت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية أنّ الأمين العام لحزب الله، السيد حسن نصر الله، يدعم نائب رئيس المكتب السياسي في حركة حماس، كما تطرّقت إلى التزام السيد نصر الله بأنّ "أي اغتيالٍ على الأرض اللبنانية، يطال لبنانياً أو فلسطينياً أو إيرانياً أو سواهم، لا يمكن السكوت عنه".
واعتبرت الصحيفة الإسرائيلية أنّ العاروري "هو العقل المدبر للعمليات في الضفة الغربية"، مذكّرةً بحديثٍ للسيد نصر الله أكّد فيه أنّ الشعب الفلسطيني ومقاومته هم من يقوم بالعمليات ضد الاحتلال في الضفة الغربية.
ووصفت الصحيفة العاروري بأنّه الذي "يمسك الخيوط في الضفة الغربية"، مُشيرةً إلى أنّه هدّد بأنّ "الاغتيالات ممكن ستؤدي الى حربٍ إقليمية".
وأشار تقرير "يديعوت أحرونوت" إلى أنّ المتقاعد، إيتان دانغوت، الذي كان السكرتير العسكري لثلاثة وزراء أمن إسرائيليين، ظلّ يدعو إلى اغتيال العاروري طوال عدّة أعوام، قائلاً إنّه "أخطر وأهم شخص لدى حماس اليوم، فهو رجل مُميت، وهدفه قتل أكبر عدد ممكن من الإسرائيليين".
ووفقاً لتقرير الصحيفة فإنّ "موقع العاروري، كأحد واضعي جدول الأعمال في الضفة الغربية، جعله قريباً جداً من المحور، الذي يرى في الضفة والقدس أدواتٍ مركزية في الصراع ضد إسرائيل".
كذلك، سلطّت قناة "كان" الإسرائيلية الضوء على أهم النقاط الأساسية في مقابلة العاروري مع قناة الميادين، حيث قال الصحافي الإسرائيلي، إليئور ليفي، لقناة " كان" الإسرائيلية إنّه "من المهم إدراك أنّ العاروري هو استراتيجي، ويمكن وصفه بالعقل اللامع لحماس في كل ما يتعلق بتطوير الجهاز العسكري للحركة في خارج قطاع غزّة".
وأضاف ليفي أنّ العاروري بذلك "تحول الى أحد المسؤولين المركزيين الذين يشغلون المؤسسة الأمنية الإسرائيلية وأجهزة استخبارية أخرى في العالم".
وعاد الصحافي الإسرائيلي بعد أيامٍ ليصف العاروري بـ"المايسترو لحماس في كل ما يتعلق بالاستراتيجية العسكرية للحركة في الضفة"، ومعتبراً إياه أحد المسؤولين عن تشكيل فرع حماس في لبنان.
وبعد أنّ وصف الإعلام الإسرائيلي الشيخ العاروري بأنّه "مهندس وحدة الساحات"، تحدّثت وسائل إعلامٍ في كيان الاحتلال بأنّه "في إسرائيل يوجد فهم بأنّ اغتيال العاروري ممكن أن يؤدي إلى حرب في عدّة ساحات".
وكان معلق الشؤون الفلسطينية في القناة "الـ12" الإسرائيلية، أوهاد حمو، علّق على تصريحات نتنياهو بشأن العودة إلى اغتيال قادة المقاومة الفلسطينية، قائلاً إنّه "ليس عبثاً أنّ صالح العاروري، الرقم الثاني في قيادة حماس، والشخصية الأقوى والأهم اليوم، هو المطلوب رقم واحد لإسرائيل".
ومطلع أيلول/سبتمبر 2023، ذكرت وسائل إعلامٍ إسرائيلية، أنّ "الجيش" الإسرائيلي بات عاجزاً عن تفكيك "مثلث التعقيد"، المتمثل بلبنان والضفة الغربية وقطاع غزّة، مُعتبرةً أنّ "الذي حاكه" هو صالح العاروري.
وفي الوقت نفسه، كان قد صرّح المتحدث السابق باسم "الجيش" الإسرائيلي، رونين منليس، لقناة "كان" الإسرائيلية، أنّ "يد العاروري، على الأقل في الأشهر الأخيرة، يبدو أنّها هي العُليا"، مشيراً إلى أنّه يوجد دمج بين المهاجمين المنفردين والتوجيه من جانب العاروري.
يُذكر أنّ الرجل الذي أُعلن عن انتخابه نائباً لرئيس المكتب السياسي لحماس، في التاسع من تشرين الأوّل/أكتوبر عام 2017، سارعت واشنطن، في تشرين ثاني/نوفمبر عام 2018، للإعلان عن رصد مكافأةٍ قدرها 5 ملايين دولار لمن يقدّم معلوماتٍ عنه، وذلك بعد أن كانت وزارة الخزانة الأمريكية أدرجت اسمه ضمن قوائمها "لمكافحة الإرهاب".
وفي السياق ذاته، كان مساعد وزير الخارجية الأمريكي للأمن الدبلوماسي آنذاك، مايكل إيفانوف، قال إنّ العاروري "يعيش بحرية في لبنان، ويعمل أيضاً مع قوة القدس التابع لحرس الثورة الإيراني، ويجمع الأموال لتنفيذ عملياتٍ لمصلحة حماس وقيادة عمليات أدت إلى مقتل إسرائيليين يحملون جنسية أمريكية".
وارتقى الشيخ صالح العاروري، مساء أمس الثلاثاء، شهيداً، من جرّاء عدوانٍ إسرائيلي استهدفه في الضاحية الجنوبية لبيروت، رفقة عددٍ من قادة كتائب الشهيد عز الدين القسّام، الجناح العسكري لحركة حماس، وكوادر في الحركة.
وهكذا ختم الشهيد الشيخ صالح العاروري حياته وفيا لمبادئ المقاومة ضد الاحتلال الصهيوني، لتشكل هذه الشهادة رافعة لمستوى تمسك الشعب الفلسطيني بحقه المشروع في الدفاع عن ارضه ومقدساته التي سلبها الاحتلال.