وهو بذلك يعمم أوصافاً غير لائقة واتهامات باطلة وصفات فجة لأمة كاملة مسلمة (غالباً) تتألف من شعوب كبرى وقبائل كريمة ضاربة في التاريخ وأناس لهم من الشرف المنيع والشأن الرفيع وكانوا دائماً مثال الشجاعة والشهامة والكرم وعزة النفس والمروءة ما يملأ صفحات التاريخ، ويبعث على الفخر ورفعة الرأس، قرنا بعد قرن، فمن يتهم العرب (كشعب) بتهم باطلة وصفات سافلة يأثم، ويرتكب عملاً محرّماً، ولو أراد الناقد أن يعبّر بدقة عن مقصوده ومراده فلا غضاضة في ذلك ولا تثريب عليه، وربما لن يأثم في قوله لو خصّ حاكماً أو أكثر بالنقد لأدائهم تجاه القضية الفلسطينية، وجرائم طغمة تل أبيب المجرمة بحيث بلغ عدد ضحاياها الأبرياء المدنيين أكثر من 50,000 فلسطيني من الشهداء والجرحى.
وخلال حوار معي لقناة [....] الفضائية قبل بضعة أيام طرح الضيف الجالس في الاستوديو وصفاً للقمة العربية الإسلامية قائلاً (إنها ليست مؤتمر قِمة، بل هي قُمة او قُمامة)!!!! ثم طفق يكيل الأوصاف الفجة والاتهامات غير اللائقة للدول العربية والعرب.
وعندما حان دوري قلت رأيي بصراحة واعتبرت أن القمم تعقد عندما تنتهك القيم، وتكون هناك ضرورة للاتفاق على الممكن من الموقف المشترك، وتُعَد مسوّدة البيان الختامي وتوزَّع سلفاً على مندوبي البلدان المشاركة، فالدول التي توافق على المسوّدة تقرر أن يشارك فيها رئيسها أو ملكها شخصيا، ويلتئم شمل الزعماء للتفاكر وتبادل الرأي وطرح الموقف والتوقيع على البيان الختامي وإصدار القرارات المناسبة وفقاً للظروف القائمة. ولم تكن القمة العربية الاسلامية تستهدف إعلان الحرب، أساسا، ولم تطلب أي دولة غير عربية اعلان الحرب على الكيان المحتل.
وفي العادة لا يكون حاضراً في القمة لا وزراء الدفاع ولا رؤساء الاركان. كما أن شنّ الحرب قرار سيادي لكل دولة في ضوء ما تقتضيه ظروفها الإقليمية والاقتصادية والعسكرية بعد دراسة شاملة لكل الجوانب والنواحي والامكانات المتاحة والقدرات المتوفرة ومتانة الجبهة الداخلية، وهذا ما فعله اليمنيون والعراقيون واللبنانيون في دخولهم المواجهة العسكرية ضد الكيان المحتل وقرروا قصف القوات المحتلة ومنشآت العدو الغاصب لإرباك صفوف المحتلين الغزاة وتخفيف الضغط عن غزة والمقاومين والانتقام من طغمة تل أبيب.
علماً بأن ذلك المؤتمر لم يكن قمة عربية فقط بل هو قمة إسلامية وعربية وشارك في المؤتمر وفود من 57 دولة إسلامية منها 20 دولة عربية ووجدنا ثلاث دول عربية تدعم الشعب الفلسطيني وغزة عسكرياً. أما البلدان الـ17 الأخرى فهي تبعث بمئات الآلاف من الأطنان من المساعدات إلى غزة. وتقدم إيران كل أشكال الدعم الكبير للفلسطينيين. فإذا كنتم تعتبرون ذلك غير كافٍ وانه كان يجب على الحكام العرب إعلان الحرب ولم يفعلوا ذلك (بسبب عدم قدرة دولهم على مواجهة أمريكا واوروبا والكيان الغاصب) طيب، فلماذا 37 دولة مسلمة لم تعلن أيٌّ منها الحرب، رسمياً، على تل أبيب؟؟ على سبيل المثال: أ ليست باكستان دولة نووية ومسلمة ومشاركة في القمة ومعنية بقضية فلسطين؟ أ ليست تركيا دولة قوية مسلمة ذات 100مليون نسمة ولديها مصانع إنتاج السلاح والطائرات المسيّرة التي تبيعها لأوكرانيا؟ أليست الدول الإسلامية الأخرى دولاً مسلمة وقوية ولديها عشرات الآلاف من المقاتلين والطائرات المسيّرة والقنابل والصواريخ الفتاكة والأساطيل البحرية؟ تفضلوا حاربوا كما حارب أهل اليمن والعراق ولبنان، ودعكم من الحكومات العربية!! فلماذا امتنعت الدول الإسلامية، المشاركة في القمة عن إعلان الحرب على تل ابيب والتوجه بكل طاقاتها لتحرير فلسطين؟؟ أؤكد أنه من غير اللائق وصف قمة العرب والمسلمين التي بحضور السيد الرئيس المبجل صاحب العمامة، بأنها قُمامة.
من غير اللائق أن يلجأ المحلل السياسي الى لغة الشتائم وإطلاق المفردات المهينة والواطئة وغير اللائقة لوصف العرب ودولهم وقمتهم بالقمامة، بسبب ما يعتبره تقصير الحكام او بعضهم، تجاه القضية الفلسطينية. كل مؤتمر ينطوي فكيف تصفونها بالقمامة؟؟!! وشتان بين القمامة والعمامة، وشتان بين الحكام العرب والشعب العربي من الخليج إلى المحيط، الذي أنجب الأبطال في حماس والجهاد الاسلامي والحشد الشعبي وأنصار الله وحزب الله.. فهل تنكرون عروبتهم؟؟.
لو قصر حاكم تركيا؛ فهل يصح أن نقول (الاتراك الجبناء)؟؟ ولو قصر حكام مصر هل يصح أن نقول (المصريون الجبناء)؟؟ وهكذا عندما يقصر الحكام والأنظمة فهل يصح أن نقول (العرب الجبناء)؟؟ أنا كعربي مسلم أرفض أن يقال عن أهلي وشعبي - وانا واحد منهم- هذه الشتائم، فهو كغيره من الشعوب فيه الصالح والطالح، وكل الشعوب مغلوبة على أمرها وحكّامها مقصرون... وللحديث صلة..
بقلم: د. رعد هادي جبارة/ باحث ودبلوماسي سابق
*المقالات المنشورة في موقع إذاعة طهران لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع*