وكثيرا ما نتساءل عندما نشاهد طفلا يحدق في شمعة وامضة مُثبتة على كعكة عيد ميلاده الأول، عمّا يحدث خلف تلك العيون الكبيرة والبريئة، فمن الممكن أنه يعود بالذاكرة إلى الوراءعندما كان رضيعا أو قبل ذلك عندما كان على شكل بويضة ملقحة.
وبعيدا عن التحدي الفلسفي المتمثل في تعرف الوعي، فقد واجه العلماء في الوقت المحدد الذي تستطيع فيه الخلايا العصبية والحسية إدراك المحيط الخارجي وتشكل الوعي عند الإنسان.
فمن المعروف أن الرضع لا يدركون وضعهم الحالي وعواطفهم ودوافعهم، حتى الأطفال الأكبر سنًا الذين يستطيعون التحدث يدركون تصرفاتهم بشكل محدود، فأي شخص ربّى ولدًا يدرك تلك النظرة الفارغة على وجه المراهق حين يُسأل عن سبب قيامه بسلوك طائش، ففي الأغلب سيهز كتفيه.
وحسب الدراسة، اقترح البعض أن الوعي يظهر بعد عدة أشهر من الولادة، وليس قبل وقت طويل من عيد ميلاده الأول، أما البعض الآخر رأى أن الوعي لدى الإنسان يتشكل بعد الولادة مباشرة.
وانطلاقا من هذه الجدلية، أجرى باين وفريق من علماء الأعصاب والفلاسفة من أستراليا وألمانيا والولايات المتحدة الأمريكية وأيرلندا، دراسة، تمكنوا من خلالها الوصول إلى أدلة تبين أن تشكل الوعي يمكن يعود إلى فترة ما قبل الولادة.
تقول لورينا نانسي، عالمة النفس في جامعة ترينيتي في لندن: "تشير النتائج التي توصلنا إليها أن الأطفال حديثي الولادة يمكنهم دمج الاستجابات الحسية والمعرفية في تجارب واعية متماسكة، وهذا بكل تأكيد لا يتم تكوينه لفترة قصيرة من الزمن، وهذا ما يؤكد نتائج الدراسة".
كما أكد الباحثون أن النتائج التي تؤكد تشكل الوعي قبل الولادة تم التوصل إليها من خلال أربعة أنواع من المعايير، هي سرعة استجابة الدماغ، ومؤشرات الاهتمام، الترابط بين معلومات الحواس، والعلامات الجسدية التي تبين ردة الفعل المفاجئة.