كما عاش فيه إسحاق ويعقوب وزكريا ويحي وعيسى وداود وسليمان، والسيدة مريم العذراء، ودخله يوشع بن نون فاتحًا، وأُسري بخاتم الأنبياء والمرسلين محمد صلى الله عليه وسلم، وانبعث منه معظم الرسالات السماوية.
وقد كان قبلة المسلمين الأولى لما يقرب من سبعة عشر شهرًا، وإليه تُشد الرحال، والصلاة فيه بخمسمائة صلاة في غيره من المساجد إلا المسجد الحرام والمسجد النبوي.
وبالإضافة إلى ذلك، فقد ظل المسجد الأقصى على مدى قرون طويلة مركزا مهما لتدريس العلوم ومعارف الحضارة الإسلامية، ومركزاً للاحتفالات الدينية الكبرى، ومكانا لإعلان المراسيم السلطانية وتعيين كبار الموظفين.
متى بني المسجد الأقصى؟
المسجد الأقصى بني قبل الميلاد بأكثر من ألفي سنة، فهو ثاني مسجد وضع في الأرض بعد المسجد الحرام، ودليل ذلك ما رواه البخاري عن أبي ذر الغفاري ، قال: قلت يا رسول الله أي مسجد وضع في الأرض أول؟ قال: "المسجد الحرام"، قال: قلت ثم أي؟ قال: "المسجد الأقصى"، قلت: كم كان بينهما؟ قال: "أربعون سنة، ثم أينما أدركتك الصلاة فصل، والأرض لك مسجد".
هذا ويتعرض المسجد الأقصى منذ احتلاله عام 1967 لاعتداءات متواصلة، أبرزها اقتحامات وزراء ونواب بالكنيست الإسرائيلي وأفراد الشرطة والمستوطنين ومحاولتهم أداء طقوس دينية، منها تقديم القرابين داخل الحرم القدسي.
ومع كل هذه المكانة للمسجد الأقصى في ديننا إلا أن كثيرًا من الناس لا يعلم ما هو المسجد الأقصى؟!
فنجد البعض يقول أن المسجد الأقصى هو مسجد قبة الصخرة، ذو القبة الذهبية! وهذا خطأ.
والبعض الآخر يريد أن يصحح هذا الخطأ بخطأ آخر فيقول: أن المسجد الأقصى هو المسجد القبلي ذو القبة الرمادية!.
لكن الصحيح والحقيقة أن كلاً من المسجد القبلي ومسجد قبة الصخرة إنما هما جزء من المسجد الأقصى، وليس كل واحد منهما هو المسجد الأقصى، فالمسجد الأقصى يتكون من مسجد قبة الصخرة والمسجد القبلي والمصلى المرواني وغير ذلك من المعالم التي تصل تقريبًا لنحو 200 معلم بداخل المسجد الأقصى، فالمسجد هو كل ما هو داخل في محيط السور كما في الصورة التالية.
فكل ما هو داخل محيط السور في الصورة أعلاه هو جزء من المسجد الأقصى، وليس كما شاع عند معظم العامة أنه المسجد ذو القبة الذهبية ( مسجد قبة الصخرة) والذي بناه عبد الملك بن مروان سنة 72 هجرية، أو الجامع القِبلي ذو القبة الرصاصية أو البرونزية، والذي أمر ببنائه عمر بن الخطاب بعد فتحه لبيت المقدس، وكان بناءً متواضعًا تم بناؤه من عروق خشبية موضوعة على الجدران مباشرة دون عقود، ثم جدد بعد ذلك إلى أن أصبح على ما هو عليه الآن.