كما يقول ربنا سبحانه ﴿إن هذه أمتكم أمةً واحدةً وأنا ربكم فاعبدون﴾ سورة الأنبياء الآية: 92.
فإذاً نلاحظ من خلال هذه الآيات الكريمة وجوب وحدة الأمة الإسلامية وعدم تفرقها، ونلاحظ كذلك وجوب توحيد الله وعدم الإشراك به، وكذلك نلاحظ التقاء عقاب الله وغضبه عندما تفقد الأمة وحدتها والترابط، حيث يقول الله تبارك وتعالى ﴿وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ سورة آل عمران الآية: 105.
وقد جاء عن نبينا صلى الله عليه وآله وسلم كثيراً من النصوص التي تفرض على الأمة وحدتها، فمن هذا القول قوله عليه وعلى آله الصلاة والسلام «عليكم بالجماعة وإياكم والفرقة فإن الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد».
وقد هان أمر المسلمين على أعدائهم عندما تفرقوا وضيعوا أمرهم، وصاروا على الإسلام حجةً، كما أشار لذلك الإمام الشيخ أبو زهرة حيث قال على لسان أعداء الإسلام حيث ابتعدوا عن هذا الدين: "لو كان الإسلام به خيراً ما كان أهله على هذه الحال من الخلل والاضطراب والبعد عن أسباب القوة والتقدم".
ونتيجته الضعف الذي صارت عليه الأمة الإسلامية بسبب تفرقها، وتحكم عدوها بها، وإذا حاولت أن تجمع شملها وتلم شعثها، وقفوا لها بالمرصاد، وسلكوا كل سبيلٍ يمنع ذلك حتى غدا الإسلام غريباً في أهله، وأي غربة أكثر من أن الذي يدعو إلى وحدة الأمة وعنفوانها أصبح غريباً وكأن فعله ردةً، وصوته منكراً، فلا ينبغي أن نضع أيها الأخوة تبعية ذلك على عدونا فحسب وعلى المستعمر، بل إننا نتحمل الجزء الأكبر في ذلك، لأن المستعمر مهمته أن يستغل وضع الضعف والتشتت فينا، لا أن يصنع الضعف والشتات والتمزق أصلاً.
لذلك لا بد لنا أن نعمل جاهدين مخلصين على وحدة الأمة وأن نلتزم هذه المظاهر، وهذه المظاهر الوحدوية ممكن أن تكون على صعيد الفرد، وعلى صعيد المجتمع، على صعيد العلماء والزعماء وعلى صعيد رجال الفكر والآداب.
ومن ذلك، وعلى ذلك أن ننشر الوعي الإسلامي العام بين المسلمين لتحقيق الوعي من خلال اجتماعاتهم ولقاءاتهم ومساجدهم وصلواتهم وصومهم وعبادتهم، كذلك ينبغي علينا أن نعمل من أجل وحدة المسلمين بالتنسيق بين المؤسسات، سواء كانت هذه المؤسسات مؤسسات اجتماعية أو رعوية أو مؤسسات علمية أو ثقافية أو تعليمية. وكذلك علينا أن نوجه وسائل الإعلام على وحدة المسلمين، لا بين السنة والشيعة فحسب كما سبق بمطلع الحديث، إنما الوحدة يجب أن تكون بين أفراد الأمة كلها، وبين علمائها ومفكريها، وهذه الوحدة التي نعني بها لا وحدة جزئيات إنما وحدة تتعلق بالوحدة العقدية، والوحدة الاجتماعية، والوحدة السياسية، والوحدة الثقافية، على المرتكزات الأربع التي سبق الحديث عنها.
مركز الإمام الخميني الثقافي