قام الملك السعودي في نهاية ديسمبر الماضي، وفي خطوة تمثيلية، باقالة عادل الجبير (الى جانب عدد من المسؤولين الحكوميين). فيما يخص الجبير، الحقيقة هي ان سلمان ومن خلال خطوته هذه انتقم من الجبير لعدم كفاءته في الدفاع عن المملكة وبالطبع عن ابنه في قضية قتل خاشقجي، وفي نفس الوقت اهان هذه الشخصية السياسية التي لا تجري دماء العائلة المالكة في عروقها من جهة اخرى.
اقيل الجبير ليخلفه في منصبه ابراهيم العساف، الشخصية الاقتصادية البحتة، ويرغم هو على خدمة البلاط السعودي في منصب المستشار. منذ البداية كان واضحا للجميع بأنه لا العساف هو رجل السياسة الخارجية ولا النظام السعودي هو في غنى عن الجبير.
الرجل قضى حياته في الغرب، ولا يخفي اعجابه به هذا فضلا عن ان علاقاته مع الجهات الغربية النافذة جعلت الاستغناء عنه على صعيد بلورة السياسة الخارجية وتعزيز قدرات النظام السعودي في حقبة ما بعد سلمان امرا صعبا، لكن معاقبته كانت ضرورية رغم ذلك من جهة، والخروج من ورطة قتل خاشقجي بأوامر من ابن سلمان أيضا كان بحاجة الى كبش فداء، وهذا الكبش لم يمكن سوى الجبير.
الجبير لم يبق بعيدا عن الاضواء سوى فترة قصيرة حيث سرعان ما عاد الى عادته القديمة للاستعراض امام الكاميرات والمشاركة في اللقاءات ومراسم الاستقبال والمفاوضات الحساسة والزيارات وبالتالي التواجد في اجتماعات المنظمات الدولية ليكشف عمليا مدى حاجة ابن سلمان له من جهة، ويؤكد بأن اكثر ملفات السعودية حساسية انطلاقا من ملفات ايران واليمن وانتهاء بسوريا والقضية الفلسطينة لا زالت تحت يديه، من جهة أخرى.
ففي حين تمت اقالة الجبير في الـ 27 من ديسمبر ، الا انه وفي الـ 13 من يناير استقبل وزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو في مطار الرياض. وبعد شهر فقط شارك في مؤتمر وارسو الى جانب بومبيو ورئيس وزراء الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو باعتباره اكثر الشخصيات جدلا.
هذا فضلا عن ان لقاءه مع نتنياهو الى جانب نظيريه السابقين البحريني والاماراتي اثار الكثير من التساؤلات والجدل.
كلمة الجبير في الامم المتحدة ممثلا عن السعودية ومرافقته لابن سلمان خلال زيارته لباكستان والهند والصين وتوجيه سياساته واجراءاته خلال هذه الرحلة، المشاركة في مؤتمر منظمة التعاون الاسلامي، لقاءاته مع وزير الخارجية البريطاني والروسي و.. الى جانب الاستمرار في تصريحاته المعادية لايران والتعبئة مع حليفيه الاماراتي والبحريني ضد ايران، وتواصل سياساته العدائية لليمن، وتولي مسؤولية تلطيف الاجواء لاستئناف العلاقات مع سوريا وكيفية ابعادها عن ايران، وبالتالي اسلوب التعاطي مع القضية الفلسطينية وتطبيق "صفقة ترامب" و... تغلق الابواب امام اي شك فيما يخص ان الملفات الرئيسية للسياسة الخارجية السعودية لازالت في يد الجبير وان العساف المحرر من سجن الريتزكارلتون ما هو الا فزاعة في هذه الساحة.
سؤال يطرح نفسه، هل لتواجد الجبير في الغرب، علاقة بما جرى له خلال الفترة الماضية؟ التكهن بشأن عمالته وتجسسه للغرب بدا يثار بشكل جاد في وسائل الاعلام خلال الاونة الاخيرة، وما علينا الا الانتظار لنرى ما تحمله لنا الايام.
ابو رضا صالح / قناة العالم