تتصاعد المواقف وتكثر السيناريوهات المتوقعة الى حد الكلام عن إمكانية اجتياح السعوديين لقطر بهدف إحداث انقلاب على مستوى صنع القرار ولضبط مواقف دول مجلس التعاون على الايقاع السعودي ولدفعها للانخراط ضمن الاجندة التي يضعها حكام الرياض.
فالي أين تسير الامور وهل تخضع الدوحة لتعليمات الرياض؟
يصف الكاتب والصحفي امين قمورية التطورات على خط العلاقة القطرية السعودية بالازمة الاكثر خطورة بين الدول الخليجية. ويتوقف عند كونها تأتي بالتزامن مع التحضير لما يسمى ناتو عربي لمواجهة من تسميهم السعودية بالاعداء. ويتساءل قمورية الم يكن من الاجدى حل الازمات داخل البيت الواحد قبل الحديث عن مواجهة الآخرين؟.
ويرى قمورية ان المعلن شيء والمضمر شيء آخر لأن الاتهامات التي تسوقها الرياض ضد الدوحة ليست جديدة, فدعم الاخوان المسلمين والعلاقة مع ايران واستضافة معارضين سعوديين هي نفس أسباب أزمة العام ۲۰۱٤.
ويتحدث قمورية عن سبب جديد تدعيه السعودية ويتم تداوله في الكواليس عن لقاء جمع وزير الخارجية القطري بمسؤول فيلق القدس قاسم سليماني اثناء زيارة المسؤول القطري الاخيرة الى العراق. يشير الصحفي اللبناني الى ان لا أدلة قوية على حصول اللقاء الا ان ما يجري يعكس قرارا كبيرا اتخذ في المملكة العربية السعودية يقضي بضرورة التزام كل دول مجلس التعاون بقرارها اضافة الى العامل المالي. يشرح قمورية ان مبلغ الـ٤۰۰ مليار دولار للصفقات مع واشنطن لا تستطيع الرياض الإيفاء به لوحدها وهي طلبت مساهمة الدول الاخرى ويبدو ان قطر لم تبد استعدادا للتعاون في هذا المجال ما أغضب السعوديين. كما ان قطر تعتبر نفسها دولة تقرر ولا يقرر عنها مستندة على امتلاكها لقدرة مالية واعلامية اضافة الى ادوار لعبتها خلال السنوات الماضية.
يجزم قمورية ان وجود دولة تحاول امتلاك هذا الهامش من الاستقلالية يزعج القادة الجدد في السعودية. اما عن دور الامارات المعادي لقطر فيرده قمورية الى وجود امير اماراتي هو أشبه بالجنرال. منوها الى ن العقلاء والحكماء لم يعودوا موجودين في مواقع قرار دول مجلس التعاون وان الاصوات الهادئة كصوت الكويت وسلطنة عمان لم تعد تسمع. وردا على سؤال حول الموقف الامريكي يؤكد قمورية ان ما يجري يناسب واشنطن التي قد تستخدمه لابتزاز قطر والحصول على مزيد من الاموال، كما ان التناقضات تسمح لواشنطن بالاستثمار في الخلافات واستغلالها لفرض نفوذها. اما عن مآل التطورات فيعتبر قمورية ان كل الاحتمالات مفتوحة وان السيناريوهات عديدة أبرزها ان تنتهي الازمة بتنازل قطري وتنفيذ المطلوب منها او ان تخوض الدوحة المعركة حتى النهاية كما كان اعلن الامير السابق خلال ازمة عام ۲۰۱٤.
في نفس السياق يأتي كلام الباحث بالشؤون الخليجية علي مراد. يتوقف الكاتب في جريدة الاخبار اللبنانية في حديث لوكالة انباء الجمهورية الاسلامية الايرانية عند ملاحظة وهي تدحرج التطورات بعد قمة الرياض ويستنتج بأن هناك امور تبدو معدة سلفا منذ ما قبل القمة وان السعودية ارادت الاستثمار في زيارة ترامب للانقضاض على الخصوم الاقرباء وان تبدأ بتصفية خصومها في البيت الداخلي قبل ان تنتقل الى من تضعهم في موقع العداء. ويرى مراد ان قطر كانت تزعج السعودية منذ سنوات طويلة وان الاخيرة حاولت الحسم مع الجار الصغير في العام ۲۰۱٤ لكن الجو الاقليمي قلب المعادلة ووفاة الملك عبد الله اوقفت المسار المعتمد في ذلك الحين. ويذكر مراد ان الصحف السعودية ذكرت آنذاك ان قطر رضخت وهذا مناف للحقيقة.
ويشير الصحفي اللبناني الى ان الرياض وجدت في هذه الظروف فرصة ملائمة لوضع قطر تحت جناحها.
الاجواء التصعيدية الحاصلة مثل قطع العلاقات الدبلوماسية وسحب السفراء يصفها مراد بالاجراءات التهويلية وتأتي في سياق الضغط القوي بهدف الحصول على نتائج سريعة، اما الكلام عن غزو واجتياح عسكريين فغير وارد من وجهة نظر المتخصص بشأن الخليج الفارسي. ولا يعدو كونه تخويفا بابعاد نفسية. مثل هذا القرار لا تتخذه الرياض انما يصنع في واشنطن الحريصة على قاعدتها العسكرية في قطر. يؤكد مراد ان المطلوب اخضاع الدوحة وليس اجتياحها.
ويلفت مراد الى ان هناك بعد اقتصادي وراء الأزمة، فالسعودية تعتبر ان دول مجلس التعاون معنية بتأمين الاموال الضرورية للاستثمارات السعودية في واشنطن وهذا ما رفضته قطر التي تفضل تعاونا استثماريا مباشرا مع واشنطن دون شريك او وسيط.
وردا على سؤال حول امكانية ان ترفض قطر الانصياع للرغبات السعودية يجيب مراد بان هذا الامر غير وارد وهو مناف لموازين القوى، فخروج الدوحة من بيت الطاعة الامريكي والسعودي خط احمر وفي حال حصوله سنشهد سيناريو انقلاب في قطر واستلام الحكم من قبل جناح ثان لآل ثاني.
عدم رضوخ قطر مستحيل، واذا خرجت عن الادارة الامريكية وتحدي واشنطن والرياض فسنشهد انقلاب والمجيء بجناح ثانب من آل ثاني. ويتوقع مراد ان نسمع قريبا اخبار قروض واستثمارات ضخمة تعلن عنها قطر في الولايات المتحدة الامريكية كثمن للخروج من هذه الأزمة.
*وكالة ايرنا