لا نريد ان نطيل عليكم، ولكن استوقفنا تقرير نشرته صحيفة الغارديان، يقول ان 10 من كبرى صناديق الاستثمار في العالم والتي تتاجر في المواد الغذائية، حققت ارباحا تفوق ملياري دولار خلال الحرب الاوكرانية، فهل هذا صدفة؟ ام ان هناك تخطيط مسبق لتحقيق ارباح من وراء جوع البشرية، وقتلها.
يقول اوليفر دي شاتر، المقرر الاممي في حق الغذاء: ان صناديق الاستثمار ساهمت في مضاعفة فقاعة اسعار المواد الغذائية في العالم، وتسببت بارتفاع الاسعار، الامر الذي زاد من نسبة الجوع في الدول الفقيرة.
كم يقول الخبراء: ان شركات انتاج المواد الغذائية حققت ارباحا طائلة من ازمة اوكرانيا، إذ تشير التخمينات الى ان 20 شركة من كبرى شركات انتاج المواد الغذائية في العالم، حققت خلال العامين الماضيين ارباحا تقدر بـ53.5 مليار دولار، من وراء ارتفاع الاسعار.
يبدو ان هذه الشركات والكارتلات الكبرى، حققت ارباحا خيالية من وراء جائحة كورونا في الخطوة الاولى، ومن وراء ازمة اوكرانيا في الخطوة الثانية، هذا فقط من المتاجرة بالمواد الغذائية.
نحن نعلم ان مختلف الانظمة الغربية – وإن كانت تدعي الديمقراطية وانها يتم انتخابها من قبل الشعب – ولكنها يتم اختيارها بعناية من قبل الكارتلات الكبرى التي تتحكم حتى في الرأي العام الغربي عبر وسائل الاعلام الضخمة.
ونعلم ان هذه الكارتلات تحركها المصالح لا غير، فهي تثير حربا هنا وفتنة هناك من اجل تحقيق الحد الاكبر من الارباح وامتصاص دماء الشعوب.
فلا ينبغي ان نتعجب ان كانت بعض قرارات هذه الانظمة الغربية تتعارض مع مصالح شعوبها، وعلى سبيل المثال الدعم الغربي الاوروبي لاوكرانيا من تسليح وغيرها، في حين ان اوروبا نفسها امتنعت عن تسليح انظمة شرعية عندما تعرضت لحرب ارهابية او حرب غير عادلة، بحجة ان قوانينها لا تسمح بتسليح اطراف النزاع، اذن ما الفرق هنا؟
هذا عدا الارباح التي تحققها شركات صناعة الاسلحة وخاصة الاميركية، لانها تبيع السلاح لاوروبا التي بدورها تقدم هذه الاسلحة الى اوكرانيا، كما ان جانبا لا بأس به من المساعدات المالية هو عبارة عن قروض ستثقل كاهل اوكرانيا في المستقبل وتجعلها – حتى لو خرجت سالمة من الحرب – تابعا للغرب.
وأما روسيا فقد كانت بين خيارين أحلاهما مر؛ أما ان تلتزم الصمت امام تحول اوكرانيا الى عضو في الناتو وبالتالي نشر صواريخ بعيدة المدى تهدد موسكو، وأما ان تقطع الطريق على هذا الامر، مهما كلفها من ثمن، وقد اختارت الخيار الثاني وتحضرت له جيدا، لذلك فإن استراتيجيتها مبنية على النفس الطويل واستنزاف الطرف المقابل؛ ليس فقط اوكرانيا، بل اوروبا وحتى أميركا، فضلا عن تعزيز اقتصادها للتقليل من آثار الحظر الغربي، لذلك قامت بتوثيق علاقاتها الاقتصادية والتجارية مع الصين وايران والدول المستقلة الاخرى، التي رفضت الانضمام الى الحظر الغربي ضد روسيا. ويقال حتى ان دولة الامارات مثلا تساهم في مساعدة روسيا من خلال إعادة تصدير السلع المحظورة إليها.
لذلك، ان كانت توقعاتنا صحيحة، فنعتقد ان الحرب الاوكرانية قد تستمر لفترة طويلة، تكون فيها خسائر الغرب اكبر بكثير من خسائر روسيا، وقد تؤدي الى انهيار الغرب كقوة عظمى، ونشوء نظام عالمي جديد، إلا اذا سارعت اوروبا لإنقاذ نفسها من الورطة الامريكية، وانتزعت استقلاليتها من الزعامة الامريكية، وحاولت إنهاء هذه الازمة من خلال التوصل الى اتفاق مع روسيا، يحفظ للطرفين مصالحهما.
المصدر : وكالة فارس