قد يفسر الكثيرون أن مثل هذه الظواهر تعتبر انتقاما الهيا أو غضبا ربانيا على قوم أو شعب أو منطقة ما. لكن بالرجوع إلى المصادر الدينية المرتبطة بالأديان السماوية نرى أن مثل هذه الظواهر طبيعية لا تحمل جوانب غضب الهي أو انتقام رباني، لأن الكتب السماوية ومنها القران الكريم أشارت إلى العقاب الإلهي بالغرق والمطر والريح وغيرها.
لكن الكوارث الطبيعية تحمل منهجا طبيعيا لأوضاع الأرض وحركة الكواكب الأخرى.
فظواهر الخسوف والكسوف والزلازل هي ايات سماوية تدل على قدرة الله وحكمته الخفية في إيجاد التوازن بين أركان الطبيعة من الأرض والماء والهواء وغيرها.
إن الكثير من المفكرين والعلماء يؤكدون أن الزلازل فيها جوانب إيجابية بل حتى السلبية منها هي بمثابة هزة للضمير الإنساني للعودة إلى مسار الخير. وأما الجوانب الإيجابية فهي تتعلق بالمتغيرات التي تحصل على صعيد التربة والماء والهواء. ولعل مثل هذه الظواهر التي تقع بين الحين والآخر تمثل آيات تذكير للإنسان الذي هو أكرم المخلوقات بأن يستمر في مسيرة الخير والعطاء التي تمشي به إلى حيث الكمال الإنساني من خلال الارتباط الوثيق بالباري تبارك وتعالى.
مشهد الزلازل يمثل حركة الواقع الطبيعي باتجاه هزات الضمير للعودة للخير وترك مسير الشر. ولايمكن أن تعتبر مثل هذه الظواهر عقوبات لأن الله الغني القادر المتعال غني عن معاقبة المجتمعات بل هو الحكيم في حركة الظواهر الطبيعية ومنها الزلازل. كم يحتاج الإنسان إلى تذكير ولو أنه إنسان ومن أسباب تسميته بهذا الاسم للنسيان الذي يعيش معه ويجعله ينسى أو يتناسى نعم الله تبارك وتعالى فتأتي الأفلام التي تصنعها الطبيعية المؤتمرة بأمر الباري لتقول له انظر واعتبر ايها الموجود الذي خلق الله لك كل هذا الوجود ماذا عساك تصنع انظر واعتبر.
فالعبرة مع العبرة نموذج حي ومصداق حقيقي وواقعي لنا يجري من مسار طبيعي لحركة الأحداث المتسارعة والتي تشير بطبيعتها إلى الإنسان مشددة عليه أن ينظر نظرة فاحصة عميقة.
نظرة لهذا الكون الذي يسبح لله بكل وجوده أيها الانسان انت تراقب فاعتبر مماترى وسارع إلى مد يد العون إلى بني جنسك ممن تضرروا بهذه الظواهر لتقديم يد العون لهم وهنا يفتح باب التكامل الاجتماعي على مصراعيه للإنسان من أجل الانضمام إلى حركة الخير التي تسير في مسارها الراقي السامي نحو الكمال المطلق. نعم إنها آيات لٱولى الألباب وتذكرة لمن له عين بصيرة وأذن واعية تعي ما يدور في حركة الكون والحياة .
الرحمة للضحايا والشفاء للجرحى وتحية لكل إنسان مسعف أو طبيب معالج أو من يمد يد العون بالمساعدات المادية إلى بني جنسه من بني هذه الاسرة الكبيرة بني ادم وحواء. إنها الأسرة الكبرى تتألم بتألم بعضها وتسارع بحنان ورحمة إلى من يحتاج ليد العون. اللهم انت المستعان وبك الاعتصام ولا تجعلنا في معرض العقوبة والانتقام واختم عواقبنا بخير وسلام. والسلام .
محمدعلي ابو هارون