ووفقاً لتقرير نشره موقع "The Grayzone" الأميركي المتخصص بالصحافة الاستقصائية، انتشرت بكثرة مجموعة من الأخبار المفبركة داخل وخارج إيران.
هذه الحملة، قادتها وسائل إعلامٍ غربية من "BBC" إلى "New York Post" و"CNN". وهي استخدمت، على سبيل المثال، مشهداً مأخوذاً من مسلسلٍ أذربيجاني ادّعت أنّه لمجزرةٍ دموية ارتكبتها السلطات الإيرانية، بحسب التقرير.
وأشار التقرير إلى أنّ أخطر الأخبار الملفّقة التي انتشرت بكثرة كان الادّعاء بأنّ طهران "قرّرت إعدام 15 ألف متظاهر"، مضيفاً أنّ الخبر "انتشر بقوّةٍ في الأوساط الغربية وعلى مستوياتٍ عليا، حتى أنّ رئيس الوزراء الكندي ووزير الخارجية الأميركي السابق وغيرهما من الشخصيات السياسية الرفيعة تبنّوا الخبر المفبرك عبر نشره من حساباتهم في مواقع التواصل الاجتماعي".
ولفت التقرير إلى أنّ هذه القصص "تُضفي صفةً شرعيةً على الدعوات إلى تغيير النظام في إيران"، لكنّ المشكلة الوحيدة أنّها "محض قصص".
هذه الاستراتيجية الإعلامية، يتّبعها الغرب منذ مدّةٍ طويلة بهدف شيطنة الأنظمة المعادية له أو لتبرير حروبه على الدول وسرقة ثرواتها تماماً كما حصل في سوريا وقُبَيل اجتياح أفغانستان والعراق.
المعركة الإعلامية ضد إيران وسوريا
وعلى صعيد الأساليب التي استُخدمَت من قبَل وسائل الإعلام الغربية لتضليل الحقائق، اعتبر محلّل الميادين للشؤون الإيرانية، سياوش فلاح بور، أنّ "هذه الاستراتيجية تعتمد بشكل أساسي على الأكاذيب، حيث يتم استهداف المُخاطَب عبر تضخيم هذه الأكاذيب ونشرها وتغطيتها على نطاق واسع عبر منصات مختلفة وبأشكال عديدة".
ولفت إلى أنّ "أنّ كبار وسائل الإعلام على الصعيد الدولي، ولا سيّما الغربية منها، جاهزة دائماً للتضحية بمصداقيتها أمام جمهورها لنشر الأخبار المفبركة التي هي ذات أهمّية بالغة جداً بالنسبة للدولة المستهدَفة"، مشيراً إلى أنّ "وسائل إعلام بارزة دولياً مهمّة منها الـCNN الأميركية أو جريدة الغارديان البريطانية اعتمدت أخباراً كاذبة".
وتابع أنّ "هذه الاستراتيجية قائمة على نشر الأكاذيب وتغطيتها حتى تصدّقها الناس، أو الشرائح المحايدة بالتحديد"، واصفاً إياها بـ"أدواتٍ للحرب والمواجهة، ولكن بنسختها الناعمة".
بدورها، قالت ديما ناصيف، محلّلة الميادين للشؤون السياسية والثقافية، إنّ "سوريا لم تكن فقط هدفاً لهذه المنصّات، بقدر ما كانت مسرحاً لاختبار أساليب هذه الحرب الناعمة".
وذكرت ناصيف أنّ "الحرب في سوريا، والتي كانت في سياق الحراكات التي استهدفت المنطقة العربية، شهدت ارتفاعاً في متابعة وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي، ما مكّن الدول الغربية أن تكرّس ما كانت تريده عبر هذه المنصّات".
وأوضحت ناصيف "كيف كان يتمّ التعاطي مع أي خبر مهما كان صغيراً، للقول بأنّه حدث منتشر على كافّة الأراضي السورية وتظهير الرواية التي تريدها هذه السياسات ووسائل الإعلام هذه"، مؤكدةً على وجود "عقدة نقص تجاه وسائل الإعلام الغربية واعتقاد بأنّها لا تكذب".
وأضافت أنّ الفبركة "ليست فقط بما يخصّ جناح النظام في الدولة السورية، بل تتعلّق أيضاً بالمجموعات المسلّحة حيث كان هناك مبالغات كثيرة لجهة تظهير هذه المجموعات والحديث عن بطولاتهم".
الهدف من الـ"بروباغندا"
من جهته، قال نزار عبّود، محلّل الميادين لشؤون أميركا والأمم المتّحدة، إنّ الغاية من تكثيف "البروباغندا" بحق إيران هي "من أجل إرغامها على الركوع والانصياع لإرادة الدول الغربية والتخلّي عن مبادئها، سواءً الإقليمية أو الداخلية"، مشيراً إلى أنّ "إيران أبدت صرامةً وقوّةً كبيرة في ملف المفاوضات، ما أشعر الدول الغربية بالفشل الذريع من كل محاولات الضغوط التي مارستها على مدى عقود".
وأكّد عبود أنّ "وسائل إعلامية منظمة تعمل في المنطقة ومن الخارج سواءً باللغة الفارسية أو باللغات الأخرى، الأذربيجانية والعربية، وكلّها تؤلّب وتعمل على إشعال فتيل من الداخل لأنّها تشعر أنّ أيّ محاولة لضرب إيران من الخارج ستبوء بالفشل حتماً إزاء القوّة المتصاعدة المتنامية للجيش والشعب الإيراني".
كيف توفّر الأنظمة المعادية لإيران الأرضيّة لوسائل إعلامها؟
وبحسب فلاح بور، فإنّه "خلافاً للمزاعم التي دائماً نسمع من جانب هذه الأنظمة بشأن حريّة التعبير في وسائل الإعلام، ولكن في الحقيقة هي تنظر إليها كأداةً للاستخدام في الحروب، وجبهةً من جبهات المواجهة".
وأضاف أنّه "خلال أعمال الشغب الأخيرة، تبيّن أنّ قناة International التي أطلقتها السعودية وهي الناطقة باللغة الفارسية تتلقّى معلوماتها، أو جزءاً مهمّاً من معلوماتها عبر الموساد الإسرائيلي، بحسب ما أورد المراسل الإسرائيلي الشهير باراك رافيد عبر صفحته في تويتر".
أساليب المواجهة
ووفقاً لناصيف، فإنّه "بمواجهة الآلة الإعلامية الضخمة المموّلة من دول وأنظمة غربية كبيرة، واجهت سوريا هذه الحرب من خلال النصر واستعادة مناطق واسعة من أراضي سوريا"، مضيفةً أنّه "لو كان الردّ فقط عبر الإعلام لكانت المهمّة صعبة وصعبة جداً،نظراً لوجود أكثر من 1800 وسيلة إعلامية تضخّ أخباراً طيلة الوقت بشكل عدائي للدولة السورية".
وأشار عبود إلى أنّ أهم أساليب المواجهة هو "تقديم الخبر الصادق واقتران الخبر بالصورة في كل وسائل إعلام المقاومة".
التواطؤ بين الإعلام الغربي و"إسرائيل"
ولفت عبود إلى أنّنا "نذكر بشكل واضح كيف نشرت جميع وسائل الإعلام العالمية كذبة بنيامين نتنياهو في الجمعية العامّة للأمم المتّحدة في أيلول/سبتمبر عام 2012 عندما قال أنّ إيران خلال بضعة أشهر، وبحدّ أقصى حتى الصيف المقبل ستكون أنتجت يورانيوم بتخصيب 90% وستكون القنبلة النووية الإيرانية على الأبواب وعلى العالم أن يحذر من ذلك".
وأضاف أنّ وسائل الإعلام "تبنّت كلام نتنياهو رغم أنّه يناقض تماماً تقارير الوكالة الدوليّة للطاقة الذرّية التي قالت إنّ برنامج إيران سلمي".
كيف تواجه إيران التجييش الإعلامي؟
واعتبر فلاح بور أنّ "إيران تعمل على تحصين الساحة الداخليّة للمجتمع الإيراني في مواجهة ما يبثّه الإعلام الغربي"، مضيفاً أنّ "إيران تخوض صراعاً غير عادل لأنّها تقف وحيدة أمام أكبر وسائل الإعلام الدوليّة التي تستهدفها وتستهدف الأمن النفسي لمواطنيها".
وأشارت ناصيف إلى أنّ "الأخبار الكاذبة التي يتبنّاها الإعلام الغربي قادرة على جرّ أي بلد إلى استدعاء التدخّل العسكري لأنّ هذه الوسائل تعمل ضمن أجندة معينة".
المصدر: الميادين نت