تعدُّ مدينة كارارا الإيطالية واحدة من أهم مراكز إنتاج الرخام الأبيض الفاخر والأكثر شهرة في العالم، والذي يستخرجُ من جبال الألب القريبة، ويُطلقُ عليه اسم “رخام كرارا” ويستخدم في تزيين المباني الفخمة ونحت التماثيل والأعمال الفنية النفيسة.
وفي أحد محاجر الرخام بالمدينة، ثمّة نحّات آلي “روبوت” له ذراع ميكانيكية طويلة، يحرّك نهايتها المعشّقة بقطع من الألماس بسرعة فائقة فوق كتلة الرخام، ليصيغ منها بعد وقت قصير عملاً فنياً غاية في الدقة والكمال، وما ينجزه النحّات الآلي من أعمال فنية خلال أيام قليلة، يحتاج النحّاتون إلى سنوات طويلة من أجل إنجازها، “.
والنحّات الآلي، الذي عمل على تصميمه وصناعته شركة “روبوتر”، التي يملكها رجلا الأعمال كومو ماساري وفيليبو تينكوليني، قادرٌ على نحت نسخٍ متماثلة لقطع أثرية وتماثيل متضررة أو تالفة، مثل نحت مجسم صغير الحجم للقوس الضخم في مدينة تدمر السورية.
لكنّ ثمة من يعتقد جازماً أن النحات الآلي، ومهما بلغ مستوى تطوره، لا يمكن له أن يضيف على القطعة الفنية التي ينحتها اللمسة السحرية التي يتركها النحاتُ الحقيقي على منحوتته، وتكسبها قيمتها الفنية والإبداعية.
ويقول رئيس شركة كرارا للنحت، دييجو زامبوليني: “القطعة التي ينحتها الروبوت إنما هي منحوتة ميتة، أم تلك التي ينحتها إنسانٌ حرفيٌ، فهي بالنسبة لي منحوتة تضجّ بالحياة، منحوتة جديدة وحقيقية.
ويتابع زامبوليني حديثه بالقول: “لا يمكن للروبوت أن يُبدع في نحت تمثال جديد، لأن هذا الأمر لا يمكن له أن يتمّ سوى بيد إنسان حرفي وفنان، وفق وصفه”.
ومن جهته، يقول الشريك والمؤسس لشركة كرارا للنحت، فيلبو تينكوليني: “إن النحاتين الحرفيين الذين لا يعتمدون في عملهم على هذه التكنولوجيا بعد، يشعرون بالقلق والخوف من أن يفقدوا وظائفهم وعملهم بسبب الروبوت”.
ويضيف تينكوليني، مستطرداً: “لكنّ أولئك الحرفيين حين يتعاملون مع الروبوت ويدركون حجم إمكاناته، سيستخدمونه في عملهم، لأنهم بذلك يتمكنون من مضاعفة إنتاجهم وإكسابه دقة أعلى”.