قالت الجريدة: ان ثماني سنوات مرّت على انطلاق انتفاضة 14 فبراير في البحرين، ثماني سنوات طوّر خلالها النظام أشكالاً متعددة من القمع والترهيب، مستعيناً في ذلك بالخبرات الإسرائيلية الواسعة في هذا المجال.
يصحّ توصيف الجزيرة الصغيرة راهناً بأنها أشبه ما تكون بسجن كبير.
يضيق هذا السجن بنزلائه يوماً بعد يوم، حتى المتنفّس الوحيد الذي بقي للبحرينيين خلال الأعوام الأخيرة عمد النظام إلى سدّه بحلّه الجمعيات السياسية المعارضة، وإغلاقه الباب على نشوء أي تنظيمات يمكن أن تشكّل تهديداً له.
هكذا أُعدمت الحياة السياسية، وخُنق المجتمع المدني، في وقت كانت فيه المعتقلات تغصّ بالنشطاء والمواطنين، الذين باتت عمليات التعذيب الممارَسة بحقهم «فنّاً» بذاته تمتاز به سلطات المنامة.
كل ذلك، مترافقاً مع مساعٍ محمومة لتبييض صفحة النظام وتشويه صورة المعارضة، أرادت من ورائه أسرة آل خليفة القضاء على أي جذوة يمكن أن تعيد إشعال الهبة الشعبية التي تعرّضت لعملية تهشيم ممنهجة.
لكن ما لم يتنبّه إليه «كناري» السعودية، كما يسمّيه الإسرائيليون، أن تلك السياسات لن تفلح إلا في إعادة إنتاج الأزمة، في وقت تشتدّ فيه حاجة المملكة إلى حلول تخرجها من الشرنقة التي ترزح فيها منذ أعوام.
مع دخول الأزمة السياسية في البحرين عامها التاسع، لم يعد المشهد الحقوقي في البلاد يشبه ما كان عليه منذ سنوات. لقد تغيّر كل شيء على نحو دراماتيكي. صحيح أن الانتهاكات لم توفر أحداً، إلا أن المائز فيها هو قدرة السلطات على ابتكار أشكال جديدة من القمع السياسي، خصّصت لها عدة روافع بغرض قلب الحقائق، ومنها الرافعة الإعلامية المتمثلة في الإعلام الحكومي، والإعلام الخليجي، والجيوش الإلكترونية، وجميعها متورط في خطاب الكراهية.
أما الرافعة المدنية فتمثلها منظمات «غونغوز»، وهي مؤسسات غير حكومية تابعة للسلطة، مهمتها الأساسية مناكفة المنظمات الحقوقية المستقلة. ثم تأتي الرافعة القضائية، متمثلة في سلطة قضائية غير مستقلة، تلاحق الضحايا وتحمي الجناة، وتعتمد على التفسير التعسفي للتشريعات والشهود السرّيين (الأشباح) في القضايا السياسية.
وأخيراً الرافعة السياسية، وهي وزارة الخارجية البحرينية، واللجان البرلمانية المُزوّدة بتقارير كاذبة حول الأوضاع المحلية.