يمكن تحديد بعدين في العامل الداخلي الفنزويلي، الاول المؤسسة العسكرية.. والثاني التاثير الشعبي.
المؤسسة العسكرية..
في الفترة السابقة التي شهدت فيها فنزويلا محاولات انقلاب يمكن وصفها بالبروفا لجس النبض من قبل المشرفين عليها، كان موقف المؤسسة العسكرية واضحا وثابتا، وهو الوقوف الى جانب السلطات الشرعية في البلاد، (والتي هي هنا حكومة الرئيس نيكولاس مادورو). ومع وصول محاولات الانقلاب الى الشكل الخطر المتمثل باعلان غوايدو نفسه رئيسا انتقاليا، كان الرهان الاكبر لدى غوايدو ومن خلفه الاميركيين على تخلي الجيش عن الرئيس مادورو وهو ما يبرز في عدة مشاهد..
الاول.. مسارعة غوايدو لمناشدة قادة الجيش للانصمام اليه في انقلابه وقدم لهم وعودا تخفي وراءها تهديدات وهي انه سيعفو عنهم في حال انشقاقهم عن الجيش وانضمامهم للانقلاب.
الثاني.. شن حملة اعلامية تهدف لهز ثقة الجيش بمادورو وتقديم صورة للشعب بان الجيش ضد الحكومة
الثالث.. دخول الولايات المتحدة على الخط ودفعها بالملحق العسكري الفنزويلي في واشنطن "خوسيه لويز سيلفا" الى اعلان انشقاقه وعصيانه على مادورو وتقديم ولائه لغوايدو
لكن كل هذه التحركات والحملات الاعلامية وغيرها لم تغير من الصورة التقليدية للمؤسسة العسكرية في البلاد والمتعروقة اساسا بتمسكها بمبادئ الثورة البوليفارية، ليبقى الجيش ثابتا في صف الرئيس الشرعي في البلاد والذي تؤكد المؤسسة العسكرية انه الرئيس مادورو. وما يفسر هذا الموقف اقتناع الجيش بان الولايات المتحدة لم ولا ولن توفر فرصة لاسقاط النظام في البلاد وبالتالي فان اي تحرك من قبيل اعلان غوايدو نفسه رئيسا لا يمكن فصلها عن الاهداف الاميركية، خاصة وان واشنطن كشفت دعمها وتحضيرها للانقلاب.
التاثير الشعبي..
لا يمكن انكار ان غوايدو استطاع استقطاب فئة من الفنزويليين، وهنا يمكن القول ان هؤلاء لا يعتبرون اكثرية بحكم التظاهرات التي شهدتها فنزويلا في الايام الاخيرة والداعمة لكل من مادورو وغوايدو يمكن وبسهولة ملاحظة ان الداعمين للرئيس مادورو اكثر بكثير من داعمي غوايدو. كما ان داعمي غوايدو لا يؤمنون بخطته او انقلابه بقدر ما يريدون التعبير عن امتعاض واحتجاج على الوضع المعيشي الصعب في البلاد. والذي يمكن ارجاع جزء كبير منه الى العقوبات الاميركية والسياسات التي اعتمدتها واشنطن والاوروبيون واضرت بالاقتصاد الفنزويلي عبر السنوات الماضية.
وهنا لا بد من القول ان الرهان على ما يمكن تسميتها ثورة شعبية ضد الرئيس مادورو قد تكون غير واقعية. واحتشاد الناس في الشوارع في ذكرى تنصيب الرئيس السابق "هوغو تشافيز" دليل على تمسك الفنزويليين بالنهج البوليفاري. وعليه تبدو خطة دفع الشعب للثورة في وجه مادورو غير مجدية، خاصة اذا ما استذكرنا محاولة الانقلاب على تشافيز عام 2002 والتي لعب الشعب الفنزويلي الدور المحوري في افشالها، وهو ما يستند اليه الرئيس مادورو، بدليل دعوته الى انتخابات تشريعية مبكرة كونه يعلم جيدا الدعم الشعبي الذي يحظى به في الشارع.
بناء على كل ذلك، وبين العوامل الخارجية والمشاريع الامريكية والاطماع في ثروات فنزويلا، وبين العامل الداخلي والرهان على تخطي هذه الازمة، تقبل الساحة الفنزويلية على مرحلة سيكون الصراع الاهم بين هذه العوامل والتي يمكن القول التجربة تشير الى ان الشعب كانت له الكلمة الفصل نهاية المطاف.
حسين موسوي