صحيح ان احداث الشغب التي يسميها الاميركيون شجاعة واحتجاج آخذة في الانحسار وان المواقف الاميركية هذه فقط من اجل صب الزيت على النار خشية من اطفائها بالكامل، لكن ما يثير السخرية ان الرئيس الاميركي بايدن، ووزير خارجيته بلينكن، وروبرت مالي (مهندس الحظر)، ومستشار الامن القومي بالبيت الابيض، والمتحدثة باسم البيت الابيض والمتحدث باسم الخارجية الاميركية، يتحلون بمستوى عال من الوقاحة حيث نسوا شجاعة الشعب الايراني في مواجهة العنجهية الاميركية طوال 42 عاما الماضية ورأوا فقط "شجاعة" نسبة قليلة من مثيري الشغب المعتدين على الممتلكات العامة في بعض مدن ايران.
ألا يتذكر الاميركيون شجاعة الايرانيين حينما قصفوا معسكراتهم في العراق بالصواريخ الباليستية وواشنطن تراجعت عن المضي قدما في المواجهة؟ ولماذا لا يتذكر الاميركيون شجاعة الايرانيين حينما استولوا على سفارتهم في طهران ويواجهون سفنهم الحربية في الخليج الفارسي بسفن حربية وزوارق صاروخية ويجبرونها على التراجع خوفا من الاصطدام والمواجهة ؟
ثم لماذا يجب على الاميركيين ان ينصبوا انفسهم مدافعين عن الآنسة مهسا اميني (التي لم تتعرض لضربة وكدمة وتوفيت نتيجة مضاعفات مرضها القديم) ولم يدافعوا عن الصحافية شيرين ابو عاقلة التي حملت ايضا الجنسية الاميركية واغتيلت بالرصاص من قبل قناصة في الجيش الصهيوني، والآلاف الآلاف من النساء والاطفال الذين يقتلون في انحاء العالم باسلحة اميركية ودعم ومؤازرة وتأييد وتحريض وتشجيع اميركي ؟
ألم تكن اميركا هي التي منعت الدواء عن الاطفال الايرانيين المصابين بمرض الفراشة، وحظرها منع حتى وصول كمامات الوجه الى ايران اثناء جائحة الكورونا ؟
واذا نظرنا الى اوروبا وقبل ايام قليلة فقط نجد بان صراخ الرئيس الفرنسي (من اشد حلفاء واشنطن المتحمسين) ووزير الاقتصاد الفرنسي تعالت حينما قالوا "لا يمكننا ان نقبل ان تبيع اميركا لنا الغاز بأربعة أضعاف" وذلك في وقت تسببت الحرب التي اشعلتها واشنطن بنفسها في اوروبا بجلب القحط في الغاز والوقود والقمح والغذاء للاوروبيين وغيرهم ؟
يوم امس الاحد شهدت العديد من العواصم والمدن الاوروبية احتجاجات (شهدت بعضها مواجهات مع الشرطة وقوات الامن) صاخبة ضد السياسات التي جلبت لهذه الشعوب الويلات، فيما الحكومات تفكر بالمصلحة الاميركية قبل مصالح الشعوب الاوروبية (فيما الحرب النووية ايضا تلوح في الأفق) فلتشفق اميركا على هذه الشعوب على الاقل ولا تبيع لهم الغاز باربعة اضعاف ولا تستغل مأساتهم ولا تمسكهم من اليد التي تؤلمهم، وتحتفظ بأحاسيسها المرهفة لنفسها .
بقلم: فريد عبدالله