يتم التركيز على هذه القضية بهدفين رئيسيين، أولا تأليب الرأي العام ضد القدرات العسكرية للجمهورية الإسلامية في إيران، وكذلك ربطها بالحرب في أوكرانيا.
مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض "جيك سوليفان" أعلن في 11 يوليو أن: "تنوي إيران تزويد روسيا بطائراتها المسيرة لاستخدامها في الحرب في أوكرانيا".
حتى أنه ذهب أبعد من ذلك وزعم أن: "روسيا تخطط لشراء مئات الطائرات الإيرانية المسيرة، وتستعد إيران لتدريب القوات الروسية على استخدام هذه المسيرات".
ولجعل الأمر أكثر تصديقاً حاول وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن من جانبه، من شحذ حساسية الرأي العام تجاه هذه الأخبار، من خلال استخدامه طريقة التمويه.
وبهذا الشأن قال وزير الدفاع الأميركي: "هذه فكرة سيئة حقاً، ولو كنت مكانهم، لكنت تخليت عن هذه الفكرة".
وعلى الرغم من أن وزير الخارجية الإيراني رد على هذه الأنباء ونفى بيع مسيرات إلى روسيا لاستخدامها في حرب أوكرانيا، لكن وسائل الإعلام الغربية استمرت في نشر الأكاذيب من خلال تجاهل تصريحات حسين أميرعبداللهيان.
في 16 يوليو، ومن أجل تأكيد مزاعم المسؤولين الأميركيين، زعمت قناة CNN أنه وبناءً على صور الأقمار الصناعية التي تم تزويد القناة بها، فإن وفدا روسيا زار مرتين على الأقل في شهر يونيو، قاعدة في مدينة كاشان الإيرانية والتي يتم الاحتفاظ فيها بالطائرات المسيرة القادرة على حمل الصواريخ الموجهة "شاهد 191" و"شاهد 129".
على الرغم من أن الدوائر السياسية والإعلامية في الغرب قد فبركت هذه الأخبار عن بيع الطائرات الإيرانية المسيرة إلى روسيا بهدف زيادة الضغط السياسي على إيران، لكن بسبب الانتشار الواسع والمكثف للأخبار المتعلقة بهذه القضية، فإن قدرة إيران العلمية وتقنيتها الواسعة في إنتاج المسيرات المتطورة، كثر الحديث عنها لدى الرأي العام بصفتها عاملاً بناء للقوة الإيرانية، وهو ما لم يكن يتوقعه الإعلام الغربي.
ومن أجل تدارك هذا الأمر كتبت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية يوم الاثنين، 29 أغسطس، وفي تصريح مناقض، عن وجود عيوب في المسيرات الإيرانية: "الروس واجهوا مشاكل تقنية في استخدام المسيرات الإيرانية، وواجهوا إخفاقات عديدة".
صحيفة واشنطن بوست نشرت هذا الخبر بالتزامن مع زعمها تحميل الطائرات المسيرة التي باعتها إيران إلى روسيا وأعلنت: "أرسلت إيران أول شحنة من طائراتها القتالية المسيرة إلى روسيا، حيث سوف تستخدمها روسيا في الحرب ضد أوكرانيا ".
ومن أجل إقناع الجمهور بشكل أكبر، كتب هذا التقرير نقلاٌ عن عدد من المسؤولين الأمنيين الأميركيين: "في 19 أغسطس تم نقل شحنة الطائرات الإيرانية المسيرة، بواسطة طائرات شحن إلى روسيا".
لا نعلم كيف لم تنتبه هذه الصحيفة إلى التناقض بين وجود الخلل في المسيرات، وشحنها إلى روسيا لاستخدامها في الحرب في أوكرانيا.
من الواضح أن وسائل الإعلام الغربية لم تنتبه في البداية إلى الجوانب الدعائية لهذه الأخبار والتي تثبت قوة الطائرات الإيرانية بدون طيار، حيث لجأت ولتغيير تكتيكاتها إلى التناقضات.
وعلى هذا الأساس أعلنت وسائل الإعلام الغربية أن "الروس واجهوا مشاكل تقنية في استخدام الطائرات الإيرانية بدون طيار وواجهوا العديد من الإخفاقات" لكنها أفادت عن نقل التكنولوجيا وإرسال معدات الميسرات الإيرانية إلى روسيا.
وفي مزاعم متناقضة بشأن قدرة المسيرات الإيرانية زعموا أنه: " في تحقيقاتهم الأولى لاحظ المسؤولون الروس عدة مشاكل في هذه المسيرات، وهم غير راضين عنها".
والنقطة اللافتة هي أن وسائل الإعلام الغربية اليوم أعلنت الأربعاء 31 أغسطس مرة أخرى على لسان "يوليا كليمينكو" زعيمة حزب هولوس في البرلمان الأوكراني، أن روسيا وفي المستقبل القريب، بالإضافة إلى المسيرات التي تم شراؤها مؤخرًا من الجمهورية الإسلامية، ستشتري 100 طائرة بدون طيار أخرى، والتي استنادًا إلى أخبار واشنطن بوست هي معيبة وليس الروس سعداء بشرائها من إيران!
مزاعم تسليح روسيا بالمسيرات الإيرانية المتطورة، وما أثارته صحيفة واشنطن بوست من استياء الروس من العيوب الفنية لتلك المسيرات، إنما يظهر تخبط وسائل الإعلام الغربية في التأليب ضد إيران، ما يعتبر سلوكا غير مهني تماما، من شأنه أن يسيء في الدرجة الأولى إلى مصداقية الغرب ووسائل الإعلام التي تسير في مسيره.