متى يجب القلق؟
يندر تشخيص الأطفال باضطراب في السلوك مع سمات قاسية وغير عاطفية، وهو تشخيص بديل "للسيكوباتية" التي يرفض المتخصصون في الصحة العقلية إطلاقه على الأطفال.
وتظهر علامات ذلك الاضطراب في موت عواطف الندم أو الذنب، والنرجسية المطلقة، واللامبالاة بالعقاب، والعدوان المتكرر الذي يصل إلى خنق الصغار وقتل الحيوانات الأليفة.
ولا يرى هؤلاء الأطفال أزمة في إيذاء الآخرين للحصول على ما يريدون، وإذا بدوا مهتمين ومتعاطفين فمن المحتمل أنهم يحاولون التلاعب بك.
يعتقد الأطباء أن تلك السمات تظهر في 1% من الأطفال، أي ما يعادل عدد المصابين بالتوحد أو الاضطراب ثنائي القطب، وهم أكثر عرضة بنحو 3 مرات من غيرهم لارتكاب جرائم في وقت لاحق من حياتهم، ومع ذلك فإن 4 من كل 5 أطفال يعانون تلك السمات يشفون منها في مرحلة الشباب.
لا يولد هؤلاء الأطفال عدوانيين عادة إلا إذا ورث الطفل السيكوباتية من أحد الوالدين.عدا ذلك، فإن مسارين يدفعان بتلك السمات القاسية إلى الظهور:
أولهما أن يولد الطفل في أسرة فقيرة لأبوين قاسيين أو مهملين.
ثانيهما أن ينشأ في بيئة خطرة يكافح فيها للبقاء حيا.
أما من لا تتشابه حالته مع تلك الأوضاع، فقد تحلّ أساليب التربية الإيجابية أزمته.
كيف تنمّين تعاطف طفل لا يندم؟
استعادة ثقته
تشتمل إحدى طرائق العلاج السلوكي للأطفال القاسين على تهدئة مخاوفهم واستعادة ثقتهم بأسرهم، لتقليل شعورهم بالتهديد، أو اتخاذهم ردود فعل انفعالية وعدوانية.
يمكنك سؤال طفلك عن سيناريوهات تثير مخاوفه، وترتيبها في تسلسل بحسب حدّتها، ثم العمل معه لمواجهة كل سيناريو على حدة في كل جلسة، بسؤاله عن الأسباب، حتى الوصول لإثبات زيف تلك التهديدات، أو طمأنته بأنك إلى جانبه ولن تتخلي عنه.
قد تفاجئين بغيرة طفلك من الأخت الرضيعة، واعتبارها خصما يجب التخلص منه، لكن عليك إثبات صدق مشاعرك نحوه، لطمأنته، وليس إقناعه بضرورة تفهم حاجة الرضيع إليك، كي لا يتزايد شعوره بالتهديد.
لا تجبريه على الاعتذار
لا حرج في تذكير طفلك بلطف بضرورة الاعتذار لمن أساء إليه، وقد لا يلتفت لمحاضراتك الطويلة عن أهمية الاعتذار وإصلاح أخطائنا، لكن لا ينبغي إجباره أو التهديد بمعاقبته إذا لم يعتذر.
فقد أكدت دراسة نشرتها جامعة "ميتشغان"، في عام 2018، أن طفلك قد يكره من أساء بحقه أكثر من ذي قبل، كما أنه يعي -مهما صغر عمره- أن امتثاله للاعتذار خوف من العقوبة.
وتنصح الاختصاصية النفسية الإكلينيكية فكارا جودوين، في مقالها بمجلة "سيكولوجي توداي"، بتقديم الأبوين نموذجا للاعتذار، من خلال الاعتذار لأطفالك ولمن حولك عندما ترتكبين خطأ، ليتعلم منك مهارة إصلاح العلاقات بشكل فعال بعد أي نوع من الخلاف.
كما يمكنك أيضا التركيز على التعويض، فإذا أخلفت وعدك باللعب معه يجب الاعتذار بصدق، وتفسير سبب انشغالك عنه، وعرض وسائل لتعويضه، وسؤاله عما يخفف من ضيقه.
نقاش ما بعد العاصفة
تختلف المدة التي يحتاج إليها الأطفال لاستعادة هدوئهم بعد صراع مع إخوتهم أو أصدقائهم، ومن المستبعد التوصل إلى تفسير عندما يكون طفلك في حالة ترقب أو غضب، لذا يجب عليك اختيار الوقت والمكان، والتأكد من هدوئك لإظهار رغبة حقيقية في فهم طفلك وليس مهاجمته، واطمئنانه لأنك تحبينه من دون شرط.
ونشر خبراء التربية الإيجابية نصائح لفتح حوار مع طفل غير متعاطف، حيث نصحوا بتجنب استخدام أسئلة بصيغة "لماذا فعلت؟" و"لماذا لم تفعل؟"، كي لا يُغلق باب المناقشة. وبدلا من ذلك، يمكنك طرح أسئلة مثل "ماذا حدث؟"، "هل فعلت.. عن قصد؟"، "ما الذي فكرت فيه في ذلك الوقت؟"، "ما الذي فكرت فيه منذ ذلك الحين؟"، "من تأثر بما فعلته؟"، "بأي طريقة تأثر؟"، "هل ستعتذر؟"، "ما الذي قد يرضي (الطرف المتضرر) ليسامحك؟".
وإذا فشل طفلك في الإجابة عن الأسئلة الثلاثة الأخيرة فربما يحتاج إلى مزيد من الوقت لفهم ما حدث، لكن إذا كان هادئا ويواجه مشكلة حقيقية في ابتكار حلول فيمكنه سؤال الشخص المتضرر عما يساعده.
حلول منطقية
أشارت دراسة نشرتها الجمعية الأميركية لعلم النفس (APA)، في عام 2016، إلى أن مشاركة الطفل في تصحيح الخطأ وتعويض المتضرر من سلوكه أكثر فاعلية في تربيته من الاعتذار العفوي أو القسري.
وتشمل أمثلة تصحيح الخطأ أن يقدم كيسا من الثلج إذا ضرب طفلا وأصابه، أو أن يلفّ ضمادة على جرحه، أو يساعده في بناء شيء ما دمره، أو يصلح لعبة كسرها، أو يساعد في ترتيب الفوضى التي خلّفها سلوكه، أو يعانق الطفل الآخر، أو يدعوه للعب بألعابه.
ومن المهم أن يلتزم طفلك بتصحيح العواقب الطبيعية والمنطقية لأخطائه التي يرتبط فيها السبب بالنتيجة، فلا يمكن معاقبته بالحرمان من الحلوى لأنه كسر لعبة أخيه.