في يوم انشق عنه التاريخ، ولدت المقاومة في لبنان. نخبة تعرف ما تريد. فئة غذّاها السيد محمد باقر الصدر بأطيب فكر. ومسح على رأسها الإمام موسى الصدر بكفه الحانية. كان ذلك قبل أن تدخل أسماء العوائل سوق العُملة.
تضامنت تلك الصفوة المؤمنة على استعادة الكرامة، فهذه الأرض الطيبة تستحق الفداء، وهذا البلد الناضح بالعلماء بحاجة الى عطاء.
لم يطلْ النقاش. كانت العقول والقلوب مهيأة للعمل الجاد، فما اختزنته في سنواتها السابقة جاء وقت تنفيذه. وما كان للتاريخ إلا أن يحترم إرادتهم، فكانت المقاومة.
أسموها (حزب الله) لأنهم أدركوا أنهم الغالبون. فكانت تجربة رائدة، تجاوزت أجواء التنظير المملة، وعبرت مراحل العمل البطيئة. لقد استوعبت ما كان مكتوباً بقلم الصدر الشهيد أحسن استيعاب، فطبقته خطوات تضرب الأرض بجذورها، ثابتة مثل جبالها، صافية مثل مائها، واضحة مثل سمائها.
نحن هنا، لا مكان لجندي إسرائيلي على أرضنا. أعلنوها صرخة عالية، كتبوها بالبنادق، طافوا بها الحدود، ثبتّوا راياتهم في كل نقطة.
ضجّت حكومات الوهابيين والأعراب حقداً، تنادت منابرهم بصراخ الشياطين، توسلوا بالغرب وباسرائيل أن تقضي عليهم. قالوا لهم إنهم شيعة قبل كل شيء، وقالوا لهم إنهم يريدون الكرامة شرطاً لوجودهم، فاقضوا عليهم قبل أن تقوى شجرتهم.
معركة وراء معركة، كان النصر صديقاً للمقاومة. كان الدم اللبناني له لون خاص وعطر خاص. لون يشبه دم كربلاء، وعطر فيه رائحة من الحسين والعباس.
منذ أربعين سنة ولبنان يزداد شموخاً بسيادته، يعيش مجد المقاومة بنصر الله، صار لبنان الحقيقي لبنان المقاومة، وانحسر لبنان السياسيين في غرفهم.
صارت كلمة السيد قذيفة مدفع. وأصبح تحذيره زلزالاً، وتحول غضبه الى عاصفة نار.
منذ أربعين سنة وفي إسرائيل يتربى الخوف يكبر. فما كانت تظنّ يوماً أن جيشها الذي لا يقهر ينحشر في حفر الخائفين حين يقول السيد: قفوا على رجل ونص.
سليم الحسني/ ١٩ آب ٢٠٢٢