كما لا يعرف بعد المصير النهائي لتحقيقات اقتحام أنصاره مبنى الكونغرس في 6 يناير/كانون الثاني 2021، لمنع تصديق المشرعين على فوز منافسه الديمقراطي جو بايدن في الانتخابات الرئاسية.
ويجتهد الخبراء القانونيون في البحث عن تبعات عملية اقتحام محققي مكتب التحقيقات الفدرالي "إف بي آي" (FBI) منزل الرئيس السابق دونالد ترامب، للبحث عن وثائق سرية حكومية مفقودة رفض تسليمها بعد خروجه من البيت الأبيض.
ويمثل التفتيش غير المسبوق في منزل ترامب بمنتجع "مار إيه لاغو" في بالم بيتش تصعيدا كبيرا في أحد التحقيقات العديدة التي يواجهها منذ وجوده في المنصب وفي أعماله الخاصة.
وهناك جدل قانوني حول إذا ما كانت إدانة ترامب -في حال حدوثها مستقبلا- ستمنعه من الترشح لانتخابات 2024، وإذا ما كانت "الإدانة" كافيه لاستبعاده من شغل أي منصب حكومي، بما في ذلك منصب الرئيس والقائد الأعلى للقوات المسلحة.
ويمكن تلخيص المتاعب القانونية لدونالد ترامب على النحو التالي:
إخفاء السجلات
عندما غادر ترامب البيت الأبيض أخذ معه صناديق من السجلات الرسمية -بعضها سري للغاية- إلى منتجعه في "مار إيه لاغو" في فلوريدا، وبموجب قانون السجلات الرئاسية يشكل حذف أو إلغاء أو إتلاف مواد وسجلات رسمية جريمة جنائية.
وفي فبراير/شباط الماضي قال الأرشيف الوطني إنه استعاد 15 صندوقا من الأوراق من بيت ترامب، وإنه كان ينبغي عليه تسليمها قبل مغادرته البيت الأبيض.
وأمام لجنة استماع في الكونغرس أكد ممثلو الأرشيف الوطني أن الصناديق تتضمن مواد كتب عليها "سري للغاية".
ويزعم ترامب أن الحكومة لم تجد أي شيء غير قانوني، وأن الديمقراطيين كانوا فقط يبحثون عن وسيلة لمنع ترشحه المستقبلي.
وقامت مجموعة كبيرة من عملاء مكتب التحقيقات الفدرالي بتفتيش مقر إقامته في 8 أغسطس/آب الجاري، وحتى اليوم لم يعلق المكتب أو وزارة العدل على قرار تفتيش بيت ترامب.
اقتحام الكونغرس
يُتهم ترامب بالتحريض على "التمرد" عندما اقتحم أنصاره مبنى الكابيتول فيما كان أعضاء الكونغرس يصدقون على فوز جو بايدن في الانتخابات.
ويكرر ترامب مزاعم لا أساس لها من الصحة عن تزوير الانتخابات، والتي كررها في تجمع حاشد قبل دقائق من اقتحام مبنى الكابيتول يوم 6 يناير/كانون الثاني 2021.
وبعد ذلك بأيام تمت تبرئة ترامب في محاكمة سياسية بمجلس الشيوخ الذي سيطر عليه حينذاك الجمهوريون وأعلن أنصاره الفوز.
لكن هذه لم تكن نهاية المطاف، ففي يوليو/تموز من العام الماضي شكل الديمقراطيون وبعض السياسيين الجمهوريين لجنة للتحقيق في أحداث 6 يناير/كانون الثاني.
وعرضت التحقيقات شهادات من بعض مساعدي ترامب ومستشاريه بأنه كان يعلم أن مزاعم تزوير الانتخابات غير صحيحة، وأن الخطوات التي كان يتخذها لإلغاء النتائج غير قانونية.
ولم تتح جلسات التحقيق لترامب أو أنصاره الفرصة لتقديم دفاعهم، وفي حين أن لجنة التحقيق لا تملك سلطات قانونية لمقاضاة ترامب إلا أنها قد تختار إحالة التهم الجنائية إلى وزير العدل الأميركي ميريك غارلاند.
وتشمل التهم المحتملة عرقلة فرز الأصوات في الكونغرس والتآمر للاحتيال على الولايات المتحدة من خلال إلغاء نتائج الانتخابات، والتي يمكن أن يعاقب عليها بالغرامات أو السجن.
التدخل بالانتخابات
بعد أيام من إجراء الانتخابات الرئاسية في 3 نوفمبر/تشرين الثاني 2020 تلقى براد رافنسبرغر كبير مسؤولي الانتخابات في ولاية جورجيا مكالمة هاتفية من ترامب قال فيها "أريد فقط 11 ألفا و780 صوتا".
وكان من شأن هذه الأصوات أن تمنح ترامب الفوز في هذه الولاية المتأرجحة.
وزعم ترامب حدوث تزوير انتخابي لا أساس له من الصحة، وأشار إلى أن مثل هذه النتيجة قد تكون ممكنة إذا تمكن رافنسبرغر من "مراجعة النتيجة".
وبدأ فاني ويليس المدعي العام بمقاطعة فولتون في جورجيا تحقيقا في جرائم انتخابية محتملة بالولاية يعاقب عليها بالغرامات أو السجن.
وينظر ترامب إلى القضية على أنها "مطاردة فارغة"، في وقت سيحتاج المدعي العام أن يثبت بما لا يدع مجالا للشك أن ترامب كان يعرف أن أفعاله احتيالية وغير قانونية.
مخالفات مالية
يواجه ترامب أيضا مجموعة من مزاعم الاحتيال الضريبي والمصرفي في نيويورك، والتي تم التحقيق فيها على المستوى المحلي ومستوى الولاية.
ورفض ترامب أن يجيب عن أسئلة تحت القسم كجزء من تحقيق مدني في ممارساته التجارية تقوم به ليتيتيا جيمس المدعية العامة لنيويورك.
واتهمت جيمس منظمة ترامب بالحصول على إعفاءات ضريبية وقروض من خلال "تقييمات أصول احتيالية أو مضللة".
ونفت المنظمة ارتكاب أي مخالفات، كما رفض ترامب يوم الأربعاء الماضي الإجابة عن أسئلة كجزء من تحقيق ولاية نيويورك في الممارسات التجارية لعائلته، واستند الرئيس السابق إلى التعديل الخامس الذي يحمي الناس من إجبارهم على أن يكونوا شاهدين ضد أنفسهم في قضية جنائية.
خلاف قانوني
في النهاية نص القانون الفدرالي لعام 1978 على أن الإدانة بجريمة إزالة السجلات الرسمية عمدا من شأنها أن تجرد المدعى عليه من "شغل أي منصب حكومي في الولايات المتحدة".
لكن بعض علماء القانون يقولون إنه لا يمكن استخدام القانون لمنع ترامب من الترشح للرئاسة في عام 2024، حيث لا تذكر قائمة معايير الدستور للترشح للرئاسة سوى معايير ترتبط بالسن والجنسية ومقر الإقامة، ولا يتطرق الدستور إلى ذكر الإدانة الجنائية كسبب لمنع الترشح لمنصب الرئيس.
وليس من المؤكد بعد أن المدعين الحكوميين سيتهمون ترامب في نهاية المطاف، ويبدو أن إدانته ستفتح الباب لاختلاف الآراء بين الفقهاء القانونيين، لكن من المستبعد أن كل ذلك سيعرقل سعيه للعودة إلى البيت الأبيض.
وكانت أحكام سابقة للمحكمة العليا تنص على أنه لا يمكن لأي جهة حكومية منع المجرمين المتهمين أو المدانين من الترشح لمنصب فدرالي، ولا يمكن للكونغرس إضافة شروط لمن يسعى إلى شغل منصب الرئيس كما قال ديريك مولر أستاذ القانون في جامعة ولاية أيوا.
المصدر/الجزيرة نت