ان النظام السياسي في لبنان نظام برلماني، بمعنى ان السلطة تتكون في البرلمان وأهم وظائف البرلمان هي اختيار رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ومنح الثقة للحكومة والمصادقة على القوانين، على هذا الأساس فان تشكيلة القوى السياسية في البرلمان تلعب دورا مهما في توجهات وتركيب السلطة التنفيذية في لبنان.
أهمية الإنتخابات
من أهم مهام البرلمان الجديد الذي يضاعف أهمية دورة الإنتخابات الحالية، هو انه يختار رئيس لبنان القادم، خاصة ان فترة رئاسة ميشال عون التي استمرت ستة أعوام تنتهي بعد أشهر.
غير ان هذه الدورة من الإنتخابات متأثرة بالأزمة الاقتصادية التي تجتاح البلد، إذ شهد لبنان في أكتوبر عام 2019 موجة احتجاجات واسعة النطاق انطلقت من الشوارع والسبب هو الوضع المعيشي والفساد المتفشي في البلاد، ان هذه الاحتجاجات اندلعت في الأعوام المنصرمة بشكل أو بآخر وفي فترات مختلفة في لبنان.
ان الأزمة الاقتصادية الأخيرة في لبنان كانت فريدة بنوعها ووفقا لتقرير البنك العالمي فان الأزمة التي شهدتها لبنان كانت من الأزمات الثلاثة الاقتصادية الكبرى في العالم منذ منتصف القرن التاسع عشر إلى اليوم.
أدى هذا الوضع إلى اتساع نطاق الفقر في البلد والرغبة في الهجرة مما زاد من السخط الشعبي وان المراقبين يرون بان النظام البنكي الفاسد إلى جانب الضغوط الخارجية هما السببان في وصول الأوضاع إلى هذه المرحلة.
لكن يجب ان ننتظر لنرى هل تؤدي الأزمة الاقتصادية التي اجتاحت لبنان إلى عزوف الناس عن صناديق الاقتراع أم تشكل حافزا للمشاركة في الإنتخابات لتغيير الوضع.
التيارات الرئيسة في الإنتخابات
وفقا للدستور وقانون الإنتخابات ان المقترعون لا يصوتون إلى الأشخاص مباشرة، إنما يصوتون إلى القوائم الانتخابية، التي تتكون وفقا لتحالف الأحزاب والتيارات، وان عدد مندوبي القوائم يتوقف على النسبة المئوية من الأصوات التي يحصلون عليها.
ان القوائم الانتخابية تتكون عادة من تحالفات بين الأحزاب والتيارات المسلمة والمسيحية ويتحالفون وفقا للانتماءات والأهداف السياسية المشتركة.
يمكن تقسيم القوائم الانتخابية في هذه الدورة إلى ثلاثة تيارات رئيسة وهي:
التيار الأول أنصار حزب الله: ان الأحزاب الرئيسة في هذا التيار هما حزبان شيعيان أي حزب الله بزعامة سيد حسن نصر الله وحركة أمل بقيادة نبيه بري وحزب التيار الوطني الحر المسيحي بقيادة جبران باسيل وهو صهر ميشيل عون إلى جانب الشخصيات السنية والدرزية القريبة منهم. هذه الكتلة استطاعت في الإنتخابات السابقة ان تحصل على ما يزيد على سبعين كرسي في البرلمان وتحولت بهذا إلى أكثر التيارات السياسية تأثيرا في لبنان، والقاسم المشترك بينها هو دعم حزب الله.
يرى الكثير من المراقبين بأنه وبسبب خفض شعبية التيار الوطني الحر قد تقل مقاعد هذا التيار مقارنة بالفترة السابقة، لكن نجاح حزب الله وحركة أمل والشخصيات السنية والدرزية القريبة منهم يحافظ على مكانة حزب الله العالية في البرلمان.
التيار الثاني، معارضو حزب الله، ان المحور الرئيس لهذا التيار هو حزب القوات اللبنانية المسيحي بزعامة سمير جعجع وحزب التقدمي الاشتراكي بزعامة وليد جنبلاط والسياسيين السنة المعارضين لحزب الله بزعامة فؤاد سنيورة.
ان معارضة سلاح حزب الله وميشيل عون الداعم لحزب الله هو القاسم المشترك بين المنتمين إلى هذا التيار، هذا وان تنحي سعد الحريري الشخصية الأبرز للسنة في لبنان عن عملية الإنتخابات ومقاطعة قسم كبير من السنة سبّب غياب الاتحاد والتوافق في هذا التيار، مع انه في الأسابيع المنصرمة بذلت السعودية مساعي بمحورية سفيرها لتوحيد صفوف هذه الكتلة.
التيار الثالث يتكون من المحتجين على الوضع السائد الذين خرجوا إلى الشوارع بعام 2019 ونظموا مظاهرات للتنديد بالوضع الاقتصادي المتدهور وفساد الساسة، وإنهم يرون أنفسهم مستقلون وينتقدون الأحزاب القديمة ويرون بان حل الأزمة اللبنانية يمر عبر وضع الشخصيات القديمة جانبا ودخول شخصيات جديدة في الساحة تتسم بالاستقلالية، هذا التيار يواجه غياب الوحدة وان تقديم قوائم متعددة يقلل بشدة من فرص نجاحهم في الإنتخابات.
يرى الكثير من المراقبين بان نتائج هذه الإنتخابات لا تترك تأثيرا كبيرا على تغيير القوى السياسية في لبنان وان التيار الأول والثاني يحصلان على جل المقاعد البرلمانية وبهذا نشاهد نوعا من التوازن النسبي في عدد الأصوات.
------------------
*المصدر: شفقنا / www.cmess.ir