المسلمون بمذاهبهم وطوائفهم يختلفون في مدارسهم الفقهية والعقدية لكن هذا الاختلاف هو سر قوتهم وليس ضعفاً.
لو امعنا النظر بدقة فاحصة في الموروث النبوي والنص المعروف اختلاف امتي رحمة وتابعنا تفسير الاختلاف بغير مايعنيه لغويا من الغدو والرواح ورمزا في الاختلاف في الرؤية والمنهج والأسلوب والطريقة والتعامل والتفقه والاستنباط والفهم والشرح لوجدنا أن معنى الاختلاف المشار إليه في الحديث النبوي هو الرحمة في صنع التطلعات نحو فقه معاصر ومدارس فقهية متنوعة ومناهج تفكير تستند إلى القراءات المختلفة للنص الشرعي الديني.
هناك نقطة لايختلف عليها مسلمان من اي مذهب أو فرقة أو طائفة إسلامية وهي مكانة أهل البيت النبوي وموقعهم في عقل وروح المسلمين ودورهم التاريخي والروحي في توجيه حركة الامة وترشيدها نحو الصلاح والإصلاح.
أجل لايختلف اثنان ابدا على مكانة أهل البيت النبوي ومنزلتهم المقدسة في الاسلام انطلاقا من النص القرآني والحديث النبوي. كل المسلمين سنة كانوا بمذاهبهم المختلفة حنابلة أو أحناف أو شافعية أو مالكية او غيرهم من المذاهب السنية. او شيعة بمذاهبهم الأمامية والزيدية والإسماعيلية وغيرهم من الشيعة يجمعون على حب اهل البيت النبوي كما يتفق المسلمون على أن الصلاة على محمد وال محمد من واجبات الصلاة المكتوبة وبدونها لاتصح اي صلاة.
المغاير في الأمر أن قلة من الذين اتبعوا توجهات عقدية تستند إلى عقيدة نصب العداء لاهل البيت النبوي ويسمون النواصب وكرس ٱعلامهم المتاخرون خلال القرون الأخيرة مثل محمد الحراني المعروف بابن تيمية والإمام محمد بن عبد الوهاب صاحب الدعوة الوهابية على توجهات تنص على أن زيارة القبور شرك وبدعة وهي حرام وان الاحتفال بالمولد النبوي الشريف بدعة وكفر وزندقة وان التوسل بالأئمة والاولياء شرك وحرام وان الشفاعة لاتجوز للاولياء.
يشار هنا أن كل ناصبي هو يعتمد المنهج الحنبلي في الفقه والأصول والعقيدة وليس كل سني هو ناصبي ابدا لان السنة بمختلف مذاهبهم يتفقون مع الشيعة بكل مذاهبهم والصوفية واهل السلوك والعرفان في أن التمسك بالاولياء والتوسل بحضراتهم أمر مشروع. وليس فيه أي شبهة أو ريبة كما يدعون ويفسرون.
النتيجة هي أن كل سني ليس ناصبيا. وان النواصب ليسوا من أهل السنة كما أكد العديد من اعلام المذاهب السنية الكريمة.
بنظرة سريعة على ماجرى في مدينة سامراء المقدسة العراقية عام ألفين وستة من تفجير مرقدي الإمامين العسكريين وهما الامام علي الهادي والإمام الحسن العسكري
كان استهدافا للمسلمين جميعا سنة وشيعة. الحادثة جرحت مشاعر مئات الملايين من مسلمي العالم وقتها ولازلت اتذكر ردود الفعل الغاضبة من قبل قادة الحركات الإسلامية سنية و شيعية كان الإخوان ومرشدهم محمدمهدي عاكف وحزب التحرير الاسلامي والجماعة الإسلامية في الهند وباكستان والتنظيمات الإسلامية في العالم بأسره استنكرت وشجبت الاستهداف معتبرة إياه استهدافا للمسلمين جميعا.
كنت عام ألفين وأربعة اي قبل حادثة تفجير سامراء بعامين حذرت من مخططات تستهدف سامراء لمالها من رمزية مهمة في نفوس المسلمين جميعا.
وتحدثت وقتها مع أحد الإخوة الكرام الذي تسلم وزارة أو زارتين في الحكومة العراقية من مغبة استهداف المدينة المقدسة فكان رده لي محبطا وساخراً، مشدداً على أن ليس هناك من مخاطر على المدينة المقدسة وغيرها من المدن المقدسة الأخرى. وحصل الذي حصل وتكرر مرة أخرى في سامراء نفسها.
اود هنا أن أعيد التحذير ولكن هذه المرة بحجم كبير من الخطورة وسعة الاستهداف المتوقع إنه استهداف للمقدسات بأسرها تحت عناوين من بينها أن القبر الموجود في النجف الاشرف هو ليس لامير المؤمنين علي بن ابي طالب بل هو قبر المغيرة بن شعبة.
وهذه المرة ظهرت هذه التوجهات الهادفة الى الإساءة للمراقد متزامنة مع ظهور حركات دينية منحرفة ضااة تتخذ من التشيع غطاءا للتضليل وصرف الأنظار عن توجهاتها التكفيرية.
يذكرني نموذج الفكر المنحرف هذا بما ادعاه نظام صدام البائد خلال سيناريو مختلق من أن الامام الخميني كان يدعي أن قبر أمير المؤمنين علي بن ابي طالب ليس في النجف الاشرف بل هو في منطقة تسمى حيدرة بضواحي مدينة قم الإيرانية!!!
هذا السيناريو سرعان ما انكشف زيفه وبطلان مدعيات معديه.
ختاما ايها المسلمون سنة وشيعة ايها التابعون لمحمد وآل محمد ربما نحن أما استهداف جديد للمراقد المقدسة في النجف الاشرف وكربلاء المقدسة والكوفة المعظمة والكاظمية المشرفة.
ايها المسلمون حذار حذار من الغفلة لأن العدو يتربص بكم الدوائر وربما يستهدف مراقد مقدسة لدى الفريقين ليتهم أحد الفريقين بتفجير مقامات مقدسة لدى الفريق الآخر.
الوعي والبصيرة والالتزام بتوجيهات المرجعيات الرشيدة الشيعية والسنية كفيل بنزع فتيل القنابل التي يريد الأعداء زرعها في أوساط المسلمين.
على الجميع التحلي بحس أمني عال المستوى وفطنة ووعي تاريخي لأننا في مفصل تاريخي حساس للغاية علنا نبلغ بوحدتنا قمة السمو والرفعة.
المجد للإسلام والرفعة لأمة محمد.
محمد علي ابو هارون