والمقاومة، في مفهومها العام، هي ردة فعل مجتمعية واعية، ضد واقع مرفوض، أو غير مشروع، أو لمواجهة استبداد، أو استعباد أو ظلم أو تمييز أو احتلال.
وشهد عالمنا أشكال مختلفة من المقاومات التي أشعلت جذوة مفهوم المقاومة في قلوب الشعوب المستعبدة في الهند وأميركا اللاتينية وجنوب أفريقيا واليابان وغيرها من الدول، ولكن تبقى المقاومة الفلسطينية من أرقى وأسمى معالم المقاومة التي لازالت صامدة من عام 1897 حتى الآن.
وشهدت المقاومة الفلسطينية تضامن واسع على امتداد دول العالم وخاصة تضامن المقاوميين الدوليين مع القضية الفلسطينية.
نجول في السطور القادمة مع تضامن أهم رموز المقاومة في التاريخ الحديث مع القضية الفلسطينية ضدّ الكيان المؤقت.
1. نيلسون مانديلا
أبرز المناهضين لنظام الفصل والتمييز العنصري في حنوب أفريقيا
"نحن نعلم تمام المعرفة أنّ الحرية لا يُمكن أن تكتمل دون تحرير فلسطين."
"كنت أتابع نشاطات الرئيس ياسر عرفات من غياهب سجني، وكم أثار اهتمامي بثباته ومثابرته. لقد آمن به شعبه وسار معه خطوة بخطوة، في السراء كما في الضراء.... فهو الذي وضع المسألة الفلسطينية على جدول أعمال المجتمع الدولي، ونقل قضية شعبه من قضية لاجئين إلى قضية أمة بكامل المعنى.....لقد كانت حماسته وثقته لا تتزعزع، والتزامه بالكفاح من أجل إقامة الدولة الفلسطينية تشكل قيما رمزية في نظر الكثيرين في العالم..... سوف يبقى الرئيس عرفات إلى الأبد رمزا للبطولة بالنسبة لكل شعوب العالم التي تكافح من أجل العدالة والحرية."
جاء نيلسون مانديلا إلى سوريا ليقول للرئيس الأسد "أشكرك وأشكر الشعب السوري جزيل الشكر على مُساعدتكم في نضالنا و لدعمكم حركات التحرر ضد العنصرية نشكركم جميعاً. و سنذهب إلى فلسطين وإلى ياسر عرفات لنقول شكراً للشعب الفلسطيني على دعمه لنا. الآن بعد النضال التحرري لا يُمكننا أن نجلس مكتوفي الأيدي وكأن شيئاً لا يحدث. نحن ثوريون لذا فإن ضميرنا الثوري يقول لنا بأن فلسطين تُعاني.
لم يكتفِ مانديلا بتبني موقف شخصي متضامن مع الفلسطينيين بل رسخ ذلك في وعي الشعب الجنوب إفريقي، ففي نظر الجنوب إفريقيين هناك تماثل جلي بين الأوضاع المفروضة على الفلسطينيين اليوم وتلك التي عايشوها على مدار سنوات التمييز العنصري. وفي أكثر من مناسبة أظهر الجنوب إفريقيون تضامنهم مع الفلسطينيين.
ففي حرب غزة عام 2009 شهدت جنوب إفريقيا تحركات ومظاهرات واسعة نددت بالهجوم الإسرائيلي، كما دعا مؤتمر نقابات جنوب إفريقيا آنذاك إلى مقاطعة السفن الإسرائيلية، وأدانت حكومة جنوب إفريقيا أيضاً بكل صرامة مستخدمة أكثر التعابير حدة في وصف تصاعد العنف الإسرائيلي ضد غزة.
2. مهاتما غاندي
السياسي البارز والزعيم الروحي للهند والرائد "للساتياغراها"
"إن الدعوة إلى إنشاء وطن لليهود لا تعني الكثير بالنسبة لي، إذ إن فلسطين تنتمي للعرب تماماً كما تنتمي إنجلترا للإنجليز أو فرنسا للفرنسيين، ومن الخطأ فرض اليهود على العرب، وما يجري الآن في فلسطين لا علاقة له بأية منظومة أخلاقية".
"إن التصرف النبيل يقضي بأن يتلقى اليهود معاملة عادلة، حيث وُلدوا وتربوا، وإذا كان اليهود قد عانوا على يد العالم الغربي، فعلى الغربيين إذن أن يعوضوهم عما اقترفوه في حقهم من جرائم".
"إذا لم يكن لليهود أي وطن غير فلسطين كما يدعون، فهل يمكنهم أن يتقبلوا فكرة طردهم من بقية أرجاء العالم، إن الدعوة لإنشاء وطن قومي لليهود سيقدم مبرراً قوياً لطرد اليهود من ألمانيا".
"لقد تصورنا أن المحنة ستعلم اليهود درس السلام، ولكن ما حدث هو العكس، إذ يحاول اليهود فرض أنفسهم على فلسطين بمساعدة الأسلحة البريطانية والأموال الأمريكية، ومؤخراً عن طريق الإرهاب المباشر".
"لماذا كان على اليهود أن يعتمدوا على الأموال الأميركية والأسلحة البريطانية ليفرضوا أنفسهم على أرض لا ترحب بهم؟ ولماذا كان عليهم اللجوء للإرهاب لفرض هبوطهم القسري على فلسطين؟"
"التهمة جدية... لكنني قلت مراراً بأنني لن أبيع الحقيقة مقابل خلاص الهند، ولا مقابل كسب أصدقاء، مواقفي هذه ليس للوقت الراهن فقط، بل إنها ستستمر بعد رحيلي عن العالم، وستكون داعمة للقضية الفلسطنية التي كتبت من أجلها".
3. كوزو اوكاموتو
مقاتل من الجيش الأحمر الياباني من أجل فلسطين
نفّذ كوزو أوكاموتو عملية مطار اللد في "تل أبيب"، برفقة زميلين له من اعضاء الجيش الأحمر، وبالتنسيق مع الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين. ففي تاريخ 30 أيار 1972 ألقت المجموعة 5 قنابل يدويّةٍ في مطار اللد، 3 منها أصابت الطائرات الجاثمة في المطار وأخرى استهدفت قسم الجمارك في المطار والخامسة انفجرت في مكانٍ لركن السيارات الموجودة في المطار وقد أسفر ذلك عن مقتل 26 إسرائيلياً وجرح أكثر من 80 آخرين. وبعد إلقاء القنابل قامت المجموعة بالانسحاب من المطار واشتبكت في طريقها مع دوريّةٍ إسرائيليّةٍ قرب سجن الرّملة حيث أسفر الاشتباك عن إصابة 5 أفراد من الدّوريّة.
أمّا الفدائيّون اليابانيّون الثلاثة، فقد استشهد منهما إثنان هما تسويوشي أوكودايرا (واسمه الحركي باسم) وياسويوكي ياسودا (واسمه الحركي صلاح) بالإضافة إلى أسر الثالث وهو كوزو أوكاموتو (واسمه الحركي أحمد). نُفّذت هذه العمليّة بتخطيطٍ من الجبهة الشعبيّة لتحرير فلسطين، رداً على قيام الكيان المؤقت بمهاجمة مطار بيروت وتدمير الطائرات فيه.
حكمت حكومة الكيان المؤقت على كوزو بثلاثة مؤبدات، وقد تعرض في سنوات أسره للتعذيب الجسدي والنفسي، فقد أفاد بعض من عايشوه في الأسر بأن صحته العقلية والنفسية تدهورت بشكل كبير. واستمرت آثار التعذيب عليه حتى بعد إطلاق سراحه. وقد أفرج عنه في عملية لتبادل الأسرى، بين الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والكيان.
أثناء محاكمته قال "إنّني جنديٌّ في الجيش الأحمر الياباني، أحارب من أجل الثورة العالميّة، وإذا متّ سأتحوّل إلى نجمٍ في السماء".
في عام 1985، بعد أن قضى 13 عاماً بالسجن الانفرادي في سجون الاحتلال، بعد خروجه من الأسر توجه أولاً إلى ليبيا، ثم انتقل إلى سوريا، واستقر به المقام في النهاية في لبنان.
في عام 2016، كرّمت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين كوزو لأجل كل ما قدمه للقضية الفلسطينية. وكان هذا آخر ظهور له، حيث يعيش كوزو أوكاموتو في شقّةٍ بسيطةٍ في بيروت برعاية أعضاءٍ من الجبهة الشعبية الذين يرعونه ويساعدونه في متطلّبات حياته اليومية البسيطة.
4. القس ديزموند توتو
حائز على جائزة نوبل للسلام، ومناضل كبير ضدّ سياسة الفصل العنصري في بلاده والعالم
"سياسة إسرائيل تجاه الفلسطينيين سياسة التمييز العنصري التي كانت تنتهجها حكومة بريتوريا ضد السود في جنوب أفريقيا، ولا يمكن أن يولد العنف الإسرائيلي تجاه الشعب الفلسطيني إلا المزيد من الكراهية والعنف المتبادل."
"يجب وقف التستر جنبًا إلى جنب ووقف منح المبالغ الضخمة لمساعدة دولة ذات سياسات قمعية تجاه الفلسطينيين فـيجب أن تنتهي هذه المهزلة، ويجب على حكومة الولايات المتحدة الالتزام بقوانينها وقطع التمويل عن إسرائيل. "
يجب على إدارة بايدن القادمة تنفيذ القانون الأميركي بشكل صحيح والاعتراف صراحة بإسرائيل كدولة رائدة راعية لانتشار الأسلحة النووية في الشرق الأوسط".
"أحد أسباب بقاء النسخة الإسرائيلية من الفصل العنصري، لفترة أطول من نسخة جنوب أفريقيا، أن إسرائيل قد تمكنت من الحفاظ على نظامها القمعي ليس فقط باستخدام بنادق الجنود، ولكن أيضا بالإبقاء على سلاحها النووي موجها نحو رؤوس الملايين".
"لا يجب أن ننسى قانون ليهي الذي يحظر المساعدة العسكرية الأميركية للحكومات التي تنتهك حقوق الإنسان بشكل منهجي مثل اسرائيل.
"تحاول الإدارة الأمريكية بأدائها للطقوس الشاذة، أن تمنع الناس من التركيز على قدرة إسرائيل على تحويل عشرات المدن إلى غبار، وأن هذا الإخفاق في مواجهة التهديد الذي تشكله ترسانة إسرائيل "المروعة" يعطي رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو شعورًا بالقوة والإفلات من العقاب، مما يسمح بإملاء الشروط على الآخرين."
"إسرائيل تقوم بنشر الأسلحة النووية في العالم، وهناك أدلة دامغة على أنها عرضت بيع أسلحة نووية لنظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا في السبعينيات، وأجرت تجربة نووية مشتركة معه، وحاولت الحكومة الأميركية التستر على هذه الحقائق."
"إن الرئيس الأميركي السابق جيمي كارتر امتنع عن تقديم مساعدات للهند وباكستان بحجة أن قانون المساعدة الخارجية يحظر المساعدة الاقتصادية والعسكرية لناشري ومالكي الأسلحة النووية. لكن لم يفعل أي رئيس ذلك فيما يتعلق بإسرائيل، بل على العكس تماما، كان هناك اتفاق شفهي منذ الرئيس السابق ريتشارد نيكسون لقبول "الغموض النووي لإسرائيل" للسماح فعليا لها بالقوة التي تأتي بأسلحة نووية دون مسؤولية. ومنذ الرئيس السابق بيل كلينتون، كانت هناك هذه الرسائل السرية. إن نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بإسرائيل يساوي تقريبا مثيله ببريطانيا، ومع ذلك، فإن أموال دافعي الضرائب الأميركيين لإسرائيل تتجاوز تلك الأموال لأي دولة أخرى، إذ تبلغ على مر السنين ما يقترب من 300 مليار دولار".
"أن الاحتلال فعل بالشعب الفلسطيني ما لا يقبل المرء فهمه، من أجل ضمان وجوده."
"لقد رأيت ما يتعرض له الفلسطينيون من مهانة عند نقاط التفتيش والحواجز، وما يعانونه مما كنا نحن نعانيه عندما كان ضباط الشرطة من الشباب البيض يقيدون حركتنا ويمنعوننا من التنقل من مكان إلى آخر، وأنا أؤكد أن إسرائيل لن تنعم بالأمن والسلامة إذا سعت للحفاظ على وجودها من خلال قهر شعب آخر".
"إن الفلسطينيين يدفعون ثمن المحرقة اليهودية إبان الحكم النازي، وأن الاحتلال لن يحصل أبدًا على الأمن بواسطة الأسوار والبنادق."
"الغرب يشعر بالذنب تجاه إسرائيل بسبب المحرقة.. لكن من الذي يدفع الغرامة؟ إنهم العرب، الفلسطينيون".
"في نهاية المطاف سينتصر النضال من أجل الحرية، بالرغم من أن الأقوياء لا يميلون إلى التنازل عن قوتهم طواعية، والضغوط الخارجية لن تجعل الاحتلال ينسحب طوعًا من الأراضي الفلسطينية."
"نريد أن نكرر في فلسطين ما قمنا به في جنوب أفريقيا، جنباً إلى جنب مع نيلسون مانديلا، عندما أرغمنا الحكومة العنصرية، آنذاك، على أن تخضع لمطالبنا، ولم تكن حركتنا حينها لتنجح لولا الدعم الجماهيري الكبير في جنوب أفريقيا وخارجها، عبر حملات مقاطعة النظام العنصري، وفرض العقوبات وسحب الاستثمارات".
في مقال نشر عام 2014، قال ديزموند توتو، إنه طلب من المتظاهرين في إحدى أكبر المظاهرات التي شهدتها بلاده في العام نفسه، بالهتاف بصوت واحد: "نحن ضد الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين.. نحن ضد الظلم والعنصرية والإرهاب الإسرائيلي ضد الفلسطينيين. ولكننا لسنا ضد اليهود".
في عام 2014، قالت صحيفة "الغارديان" إن ديزموند توتو، شارك في قيادة الاحتجاج ضد شركة الأمن البريطانية جي 4 إس؛ للدور الذي تقوم به في إدارة السجون ومراكز الاعتقال في الضفة الغربية و"إسرائيل". واتهم توتو حينها الشركة بلعب دور في دعم "الاحتلال الإسرائيلي الوحشي ونظام السجون المقيت"، حيث طالب الشركة بالتوقف عن تقديم الأدوات والأجهزة للسجون الإسرائيلية. ولفت إلى أن شركة جي 4 إس، "تساعد مصلحة السجون الإسرائيلية في إدارة سجون داخل إسرائيل تحتوي على سجناء من الأراضي الفلسطينية المحتلة بالرغم من أن اتفاقية جنيف الرابعة تحظر نقل السجناء من المناطق المحتلة إلى أراضي الدولة المحتلة".
5. إرنستو تشي غيفارا
مناضل كوبي ضد الاستعمار
زار تشي غيفارا غزة عام 1959، وهذه الزيارة كانت أول بادرة لتحويل الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين من صراع إقليمي إلى صراع عالمي ضد الاحتلال.
في تقرير عن موقع "ميدل ايست البريطاني" قال أن غيفارا أكد للاجئين وجوب استمرار النضال لتحرير أرضهم، معترفًا بأن قضيتهم معقدة وأنه لا طريقة للتحرير سوى المقاومة، مضيفًا، أن غيفارا عرض توريد الأسلحة للفدائيين وتدريبهم.
"كل ما نفعله هو عبارة عن صرخة حرب ضد الإمبريالية وصرخة من أجل وحدة الشعوب ضد العدو الأكبر للبشرية: الولايات المتحدة الأميركية".
حضرت فلسطين في كل خطاباته الدولية، مع مطالبة الكيان المؤقت بالانسحاب الشامل، من الأراضي الفلسطينية المحتلّة ومن الجولان السوري المحتلّ أيضاً.
قطعت كوبا علاقاتها الدبلوماسية مع الكيان المؤقت في أيلول من العام 1973، وكانت اول دولة في القارة الأميركية تقطع علاقاتها الدبلوماسية مع الكيان.