وقال فيه إنه بعد فشل المنطقة بشجب الحر في أوكرانيا فقد تحاول المنظمات الرياضية مقاطعتها. وبدأ بالإشارة إلى رسالة إلكترونية كتبها في عام 2013 مدير نادي مانشستر سيتي سايمون بيرس إلى مديري النادي الآخرين فيران سوريانو ومارتي إيلدمان عندما حاولت مجموعة النادي شراء ناد في نيويورك جاء فيها أن “مظاهر الضعف للإمارات واضحة “المثليين، الثروة، النساء وإسرائيل”.
ويعمل بيرس مستشارا خاصا لرئيس جهاز المجلس التنفيذي في أبو ظبي، وهو خلدون المبارك مدير مجموعة السيتي لكرة القدم. وبشكل طبيعي فما يهم مجموعة السيتي لكرة القدم يهم أبو ظبي.
وبعد تسعة أعوام لا تزال رسالة بيرس الإلكترونية كاشفة عن أهمية الرياضة للإمارات العربية المتحدة. فمن خلال رعاية العائلة الحاكمة في أبوظبي وملكيتها لمجموعة السيتي هناك رالي أبو ظبي وعدد كبير من المناسبات الرياضية بما فيها بطولة الكريكيت الدولية ومناسبات كبرى للتنس والغولف وسباق الخيول.
وكانت الرياضة في قلب الأنظمة في الإمارات كما هي مهمة لنظام فلاديمير بوتين في روسيا. ويقول الكاتب إن النظامين مرتبطان بطريقة أخرى. ففي تصويت جرى في مجلس الأمن الدولي بعد غزو موسكو أوكرانيا في 24 شباط/فبراير امتنعت الإمارات عن التصويت لصالح القرار الشاجب للغزو. ومنذ حرب أوكرانيا تحولت الإمارات العربية إلى جنة الأثرياء الروس الذين لا يخافون العقوبات التي يواجهونها في أماكن أخرى. وقال أحد الأثرياء لصحيفة “نيويورك تايمز”: “حملك جواز سفر روسيا مسموم ولا أحد يريد قبولك إلا في أماكن مثل دبي”.
وكشفت الصحيفة أن الأوليغارش الروس يملكون مباشرة أو بأسماء أقارب لهم حوالي 76 عقارا في دبي. واستخدمت الإمارات سيطرتها على الإعلام لتشويه التغطية للغزو. فقد طلبت صحيفة “ذا ناشونال” التي تملكها الحكومة من الفريق الأجنبي عدم الإشارة للهجوم العسكري الروسي ضد أوكرانيا بالغزو.
ومنذ التسعينات من القرن الماضي كانت الرياضة في قلب استراتيجية لتسويق البلد والترويج له. وفي داخل البلد تم دعم الرياضة وبقوة عبر توفير المنشآت الراقية والحوافز المالية. وفي عام 2005 قرر مجلس الكريكيت الدولي الانتقال من لوردز إلى دبي حيث جذبته عروض الأرض المجانية والإعفاء الضريبي لمدة 50 عاما.
وبعيدا عن الإمارات استطاعت عبر ملكيتها لنادي مانشستر سيتي ومجموعة السيتي لكرة القدم رعاية مجموعة من النوادي في كل مكان. وتملك خطوط طيران الإمارات حقوق التسمية في ملعب أرسنال منذ افتتاحه عام 2006، وهي ترعى كأس الاتحاد الإنكليزي، إي سي ميلان، ريال مدريد، كل بطولات التنس المفتوحة باستثناء بطولة ويمبلدون وكذا حقوق التسمية في ملاعب الكريكيت في درام ولانكشاير وعقود أخرى في رياضة الغولف وسباق الدراجات.
وقال الدكتور سايمون روفر، أستاذ الدراسات الدبلوماسية والدولية بكلية الدراسات الشرقية والأفريقية (سواس) “وضعت الإمارات في مركز دبلوماسيتها العامة تقديم البلد إلى العالم”، و”كونها مكانا للمناسبات الرياضية وإدارة الرياضة يمنح صورة وأهمية وشرعية للنظام”.
وكما حدث مع روسيا، فقد تعامل عالم الرياضة بدون مبالاة مع الشخصية الحقيقية للنظام في الإمارات. وخدعت الرياضة نفسها بأن هذا موقف غير سياسي، مع أنه في الحقيقة كان موقفا سياسيا: تبنى وباستعداد تام الإمارات في مجال الرياضة وإضفاء الشرعية على النظام.
وعنى هذا الموقف تجاوز الاستغلال الصارخ للعمالة الوافدة الذين ربطوا بنظام الكفالة والذي يتحكم فيه أرباب العمل بحياة العمال ووجودهم في البلد. وكان هذا يعني تجاوز معاملة النظام للمرأة وتجريم المثليين. وعنى غض الطرف عن القمع المستمر للمعارضين الإماراتيين وعائلاتهم. وكذا عدم الالتفات لدور الإمارات في الحرب التي تقودها السعودية في اليمن والتي أدت لمقتل آلاف الأبرياء اليمنيين.
وقد تقول المنظمات الرياضية إنها لا تتفق مع تحركات وأفعال النظام، لكنهم لا يعتبروها مهمة بدرجة كافية للتخلي عن المنافع النابعة من علاقتها مع الإمارات. ومحاولة السعودية وقطر استخدام الرياضة هو احتذاء بالمثال الإماراتي. ويقول نيكولاس ماكغيهان، مدير “فيرسكوير”، وهي منظمة تعمل على موضوع الرياضة وحقوق الإنسان “تستخدم الإمارات الرياضة لتحسين سمعتها وقبل أن يظهر مصطلح “التبييض الرياضي” رغم أن سجلها في حقوق الإنسان هو الأسوأ بالمنطقة بما في ذلك الحروب المدمرة وجهود الثورة المضادة في المنطقة”. وواجهت الرياضة يوم الحساب مع روسيا، ومهما حاولت تجنبها فإنها ستجبر على يوم حساب بشأن الإمارات فهي لديها “نقاط ضعف” أيضا.