المعنى أن الأمريكي وريث الحضارة الغربية لم يكتف بما لديه من قوة حربية مكنته من غزو بعض الدول واحتلالها ولا بقوته الاقتصادية التي مكنته من فرض النموذج الليبرالي المزيف على أتباعه من الدول والأفراد بل كان بحاجة دوما إلى أدوات إضافية مثل ممارسة الغش والخداع لمنع الشعوب المستهدفة من التأمل في حيثيات هيمنته وتحرير العقول من وهم التفوق الأمريكي المطلق وصولا إلى البحث عن نموذج حضاري أخلاقي يحقق النفع للبشر ويحررها من ذل التبعية.
العقل والمنطق يحكمان أن لنا عقل مثلما لهم عقل ولنا قدرة التفكير مثلما لديهم يضاف لذلك أننا أصحاب دين ومنهج أخلاقي يتعين التمسك به ولا يجوز لنا ممارسة التقليد الأعمى وتجنب السقوط الأخلاقي في ممارسات تفتقد إلى النزاهة فالعاقبة وخيمة على الجميع.
أخيرا جاء الدخول الروسي إلى اوكرانيا ووضع اليد على معامل الأسلحة البيولوجية والجرثومية ليدق مسمارا إضافيا في نعش التفوق الأمريكي الحضاري الذي يفتقد لأي ثوابت أخلاقية كما في نعش الليبرالية الغربية التي اعتمدت مبدأ دعه يعمل دعه يمر وحتى هذا المبدأ لم يجر الالتزام به إذ بقيت حرية العمل والحركة قاصرة على من يسمح له الغرب له بهذه الأشياء والدليل على ذلك حجم العقوبات والمعوقات التي يضعها هذا الغرب في وجه كل من لا يرضخ لأوامره!!.
الخط الثابت الذي التزمه النموذج الحضاري الغربي منذ البدء أن الغاية تبرر الوسيلة والغاية هي الهيمنة على مجمل الفضاء الكوني ومنع صعود أي قوة حضارية يمكن أن تشكل بديلا موازنا أو مكافئا للرجل الأبيض المتفوق بطبعه حسب زعمهم وجر الشعوب المقهورة لالتزام هذا النموذج ومواصلة السير على طريق التبعية حتى يجري التخلص من هذا التابع وإلقائه في سلة المهملات والتاريخ المعاصر خير شاهد على هذا بدءا من شاه إيران وحتى زيلنسكي الأوكراني.
الكشف عن مستودعات الأسلحة الجرثومية تمثل دليلا إضافيا على هذه الحقيقة رغم التكذيب الأمريكي الرسمي وربما تفسر لنا حال الاضطراب والتخبط التي يعيشها المعسكر الغربي وحلفاؤه في هذا العالم.
آن لنا الأوان أن نتعامل مع الغرب بعقل بارد لا يسعى للصدام رغم أنه حقيقة واقعة ولا يعتبر أن انتصار روسيا في حربها على أوكرانيا هي نهاية المطاف فالحاجة لبناء الذات الإسلامية قائمة وملحة لأن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.
دكتور أحمد راسم النفيس