الجدير بالذكر أن اجتماعات الخبراء والمشاورات غير الرسمية تبقى مستمرة في فيينا.
وكانت ايران قد توصلت الى اتفاق مع الدول الاوروبية الثلاث (فرنسا وألمانيا وبريطانيا) الى جانب أميركا والصين وروسيا في عام 2015 حول البرنامج النووي الايراني السلمي. وكان مقررا وفق هذا الاتفاق ان تتقبل ايران بعض القيود في أجزاء من برنامجها النووي، وفي المقابل يتم رفع حالات الحظر التي فرضت على طهران بذريعة برنامجها النووي.
لكن الادارة الامريكية في عهد رئيسها السابق دونالد ترامب، انسحبت من الاتفاق النووي في ايار/مايو 2018 واستأنفت فرض الحظر على الجمهورية الاسلامية الايرانية بل وشددت حالات الحظر واضافت حالات جديدة، وأمهلت طهران الاطراف المتبقية في الاتفاق النووي سنة كاملة من اجل فسح المجال للسبل الديمقراطية ولتعويض ايران عن المنافع المترتبة على الاتفاق النووي والتي حرمت منها بسبب الانسحاب الاميركي من الاتفاق، رغم التزام الجانب الايراني بكل ما تم الاتفاق عليه، وبعد مضي مهلة السنة، اتخذت طهران عدة خطوات لتخفيف التزاماتها بالاتفاق النووي، جعلت بعد كل خطوة مهلة للجهد الدبلوماسي لضمان حقوقها، بما فيها عدم الالتزام بسقف نسبة التخصيب وحجم اليورانيوم المخصب وعدد اجهزة الطرد المركزي، وبعد مجيء جو بايدن الى رئاسة الادارة الاميركية انطلقت مفاوضات في فيينا لعودة الطرفين الى الاتفاق النووي، فيما اشترطت ايران الغاء كل حالات الحظر لعودتها الى التزاماتها بالاتفاق. إضافة الى مطالبتها بضمانة خطية بعدم انسحاب أميركا من الاتفاق مثلما فعل ترامب.
وجرت حتى الآن 7 جولات من المحادثات النووية في فيينا بين ايران وسائر الاطراف المتبقية في الاتفاق النووية واميركا (اشترطت ايران ان تكون المفاوضات بينها وبين اميركا غير مباشرة). فيما تتحدث جميع الاطراف عن وجود تقدم ملموس في المحادثات الا ان هناك بعض القضايا العالقة.
وأحد مجالات الخلاف في هذه المحادثات هو اصرار امريكا على الابقاء على بعض حالات الحظر التي فرضتها ادارة ترامب على ايران بعد خروجها الاحادي من الاتفاق، اضافة الى ان ادارة بايدن اعلنت انها لا يمكنها تقديم اي ضمانة بشأن عدم خروج الادارات الامريكية اللاحقة من الاتفاق النووي، وهي الضمانة التي طالبت بها ايران، لمنع تكرار ما قام به ترامب من الخروج الاحادي من الاتفاق. ويضاف الى موارد الخلافات ما صرح به مسؤولو الادارة الامريكية من انهم يريدون تحويل العودة الى الاتفاق النووية "منصة" لمعالجة سائر الخلافات بما فيها موضوع القدرات الصاروخية الايرانية والقضايا الاقليمية.
وقد تم الاتفاق مؤخرا بين ايران واعضاء 4+1 على استئناف المحادثات النووية في فيينا بتاريخ 29 تشرين الثاني/نوفمبر.
وتجري حاليا الجولة الثامنة لمفاوضات إلغاء الحظر عن ايران، وهي الجولة الاطول لحد الآن، وبعد استراحة 11 يوما وبعد عودة الوفد المفاوضة من عواصمها، استؤنفت هذه الجولة في 8 شباط/فبراير 2022. في حين قال المسؤولون الاميركان والاوروبيون ان بعض التقدم قد تحقق في المفاوضات لكنه لم يصل بعد الى حد يمكن معه الامل بالتوصل الى اتفاق.
وقبل ذلك قال دبلوماسيون اوروبيون ان القسم الاكبر من المحادثات في الايام الاخيرة قد ركّز على مطالب ايران بالحصول على ضمانات بشأن الثبات في الالتزام بالاتفاق النووي وعدم تكرار الانسحاب منه.
ومارست الجهات الغربية نوعا من الحرب النفسية مع ايران من خلال الحديث عن ضيق الوقت للتوصل الى اتفاق مع طهران، فيما يبدو ان الغربيين تقاسموا الادوار بينهما للعب دور الشرطي الصالح والشرطي السيء مع ايران التي مازالت مصرة على مطالبها المشروعة وغير مكترثة لضغوط الغرب.
وقال المتحدث باسم الخارجية الايرانية سعيد خطيب زاده في مؤتمره الاسبوعي يوم الاثنين 28 شباط/فبراير 2022، أن مسودة الاتفاق تم إعدادها، والآن نحن في نقطة لا يوجد فيها أي غموض بالنسبة لواشنطن واوروبا بالنسبة لخطوطنا الحمراء، ومن المؤكد اننا لن نتجاوز خطوطنا الحمراء.
وفي مؤتمره الصحفي الاسبوعي يوم الاثنين 7 آذار/مارس، اكد المتحدث، اننا نرفض أي مهلة ولا ننظر اليها، لافتا الى ان مسار عودة أمريكا الى الاتفاق النووي لن يحدث بين ليلة وضحاها.