وفي الدراسة التي نشرت، الثلاثاء، مجلة "Molecular Biology and Evolution" استعاد العلماء لأول مرة الحمض النووي من المادة الملتصقة بالشعر المأخوذ من بقايا محنطة تعود إلى 1500-2000 عام.
ويرجع العلماء سبب اكتشاف الحمض النووي بهذه الطريقة، إلى أن خلايا الجلد من فروة الرأس تصبح مغطاة بمادة لزجة – شبيهة بالأسمنت - تنتجها أنثى القمل لربط كل بيضة بقوة بقاعدة جذع الشعرة، ويسمى هذا البيض بـ "الصئبان".
أسرار الماضي
كشف تحليل هذا الحمض النووي القديم المستعاد حديثًا - والذي كان ذا جودة أفضل من المستعاد بطرق أخرى - عن أدلة حول أنماط الهجرة البشرية في أميركا الجنوبية.
ويمكن أن تسمح هذه الطريقة الجديدة بدراسة عديد من العينات الفريدة من البقايا البشرية، التي لا تتوفر فيها عينات العظام والأسنان.
وتقول أليخاندرا بيروتي، الأستاذة المساعدة في علم الأحياء اللافقارية بجامعة ريدينغ البريطانية، والتي قادت البحث: "هذه الكشف أشبه بالقصة الخيالية لفيلم "حديقة جراسيك"، عندما تم الحصول على الحمض النووي للديناصورات من البعوض المغلف بالعنبر من عصر الديناصورات".
وتضيف: "لقد أظهرنا كيف يمكن الحفاظ على معلوماتنا الوراثية عن طريق المادة اللاصقة التي ينتجها القمل على شعرنا، كما يمكن أن توفر بيولوجيا القمل أدلة قيمة حول كيفية عيش الناس وموتهم منذ آلاف السنين".
وتستطرد: "في السنوات الأخيرة تزايد الطلب على عينات الحمض النووي من الرفات البشرية القديمة؛ حيث نسعى لفهم الهجرة والتنوع في المجموعات البشرية القديمة، ولأن القرود رافقت البشر على مر التاريخ، يمكن لهذه الطريقة الجديدة أن تفتح الباب أمام منجم ذهب من المعلومات حول القرود، بالاستفادة من العينات الفريدة".
وحتى الآن، يفضل العلماء استخراج الحمض النووي القديم من العظام الكثيفة من الجمجمة أو من الأسنان الداخلية، حيث توفر هذه العينات أفضل جودة للحمض النووي.
ومع ذلك، فإن بقايا الجمجمة والأسنان ليست متاحة دائمًا، حيث في بعض الثقافات قد يكون من غير الأخلاقي أخذ عينات من الرفات الأصلية، أو بسبب الضرر الشديد الذي تسببه طريقة أخذ العينات التي تضر بالتحليل العلمي المستقبلي.
لذلك، فإن استعادة الحمض النووي من المادة اللاصقة التي ينتجها القمل هو حل مثالي للمشكلة، خاصة وأن بيض القمل يوجد بشكل شائع على شعر وملابس البشر المحنطين في صورة جيدة من الحفظ.