رغم أنّ المملكة الأردنية وقّعت ثاني اتفاق "سلام" مع العدو الصهيونيّ الغاشم عام 1994، وتربطها علاقات متنوعة مع تل أبيب، إلا أن دفئ العلاقات الذي تم تصويره وخداع العالم به، لم يكن سوى هراء تتناقله وسائل الإعلام الصفراء، وإنّ القبول الشعبيّ الأردنيّ لهذا الموضوع الخطير ما يزال حلماً مستحيل المنال بالنسبة للقيادتين الصهيونيّة والأردنيّة، بالاستناد إلى الدعم الشعبيّ الكبير لفلسطين ومقدساتها وشعبها.
وبغض النظر عن العلاقات الأردنيّة - الصهيونيّة التي تسوء أو تتحسن تبعاً للظروف السياسيّة، خاصة في العقد الأخير مع اتجاه تل أبيب نحو ضم أجزاء من الضفة الغربية والتلويح بضم غور الاردن، الأمر الذي أثار حفيظة الملك الأردنيّ ودفعه للحديث عن "صِدام كبير" بين بلاده والكيان الصهيونيّ الغاصب في حال أقدم على مثل هذه الخطوة، لكن الأردنيون يرفضون بشكل قاطع أيّ خطوات للتطبيع مع قاتل العرب والمسلمين، ويوماً بعد آخر يزداد هذا العداء نتيجة ممارسات العدو الصهيونيّ الإجراميّة التي لا يصدقها عقل ولا يتقبلها إنسان، خاصة أنّ معظم سكان الأردن هم من اللاجئين الفلسطينيين وأحفادهم، ونظرتهم الوحيدة عن إسرائيل هي الموت والاحتلال والدمويّة.
على هذا الإساس، من الطبيعي رد الفعل الشعبيّ المعارض بشدّة لـ "إعلان نيات" الذي ووقّعته حكومة بلادهم مع تل أبيب في 22 تشرين الثاني/ نوفمبر المنصرم، رغم الحديث عن جدوى المشروع المشترك للطاقة والمياه، بمشاركة الإمارات، حيث إنّ ذلك الاتفاق هو أكبر تعاون على الإطلاق فيما بينهم، وقد تم الإعلان عنه في معرض "دبي إكسبو"، بحضور مبعوث المناخ الأمريكيّ، جون كيري.
ووفقاً لبنود الاتفاقية الجديدة، سيشتري العدو الصهيونيّ الغاصب الطاقة الشمسية من منشأة مقرها الأردن تبنيها شركة إماراتيّة، وستشتري عمان المياه من موقع تحلية سيجري بناؤه على ساحل البحر الأبيض المتوسط، في ظل اعتراض كبير ويمثل الشعب من النواب الأردنيين الذين غادروا الاجتماع المخصص لمناقشة الاتفاق يوم الأربعاء 8 ديسمبر/ كانون الأول ، ما أدى إلى فقدان الجلسة النصاب القانونيّ بعد أقل من 15 دقيقة على بدئها، وهذا الاجماع البرلمانيّ يطابق الاجماع الشعبيّ ويوافق الاعتراضات والتظاهرات المنددة بالتطبيع المتزايد مع الاحتلال، والانتقال من التطبيع السياسي إلى الفرض القسريّ للتطبيع على المواطنين.
وباعتقاد الكثير من البرلمانيين فإن ما حدث في البرلمان الأردنيّ هو تعبير واضح من نواب الشعب عن رأي الشعب الأردنيّ في تلك الاتفاقية المرفوضة شعبيًا ونيابيًا، لدرجة أنّ النواب طالبوا بإخراج الوزير الذي وقع الاتفاقية من الجلسة وعند رفض ذلك خرج النواب احتجاجًا وأفقدوا الجلسة نصابها القانونيّ، وبالتالي أُجّلت ليوم الأربعاء القادم لمناقشة الاتفاقية استنادًا للنظام الداخليّ لمجلس النواب، لافتاً إلى أن أغلبية المجلس متماهية مع الشعب الرافض لكل أشكال التطبيع مع الصهاينة.
في النهاية، يطلب الشعب الأردنيّ وممثلوه في البرلمان عدول الحكومة عن اتفاقية العار مع تل أبيب التي تقتل الشعب الفلسطينيّ وتهدم البيوت وتنتهك المقدسات، حيث إنّ الأردنيين لا يجدون في حاجة بلادهم إلى المياه والغاز مبرراً للخيانة التي ترتكبها حكومتهم، وهذا يخلق بالطبع إحباطاً كبيراً لدى الكيان المجرم مهما كانت نتيجة تلك الاتفاقات، لأنّ هناك مجموعة صغيرة جداً من الأردنيين على استعداد للتعاون مع الصهاينة باعترافهم، ما يبرهن من جديد أنّ الرفض الشعبيّ العربيّ للإساءات التي قامت بها بعض الحكومات كان ولا يزال وسيبقى قائماً، ليمنع تحقيق المخططات الصهيونيّة العدوانيّة.
المصدر : موقع الوقت